ثمن التشهير

شكلت التصريحات التى أدلى بها محامى النصرة سيد المختار ولد سيدى حول الحراك الأخير تحولا فى علاقة السلطة بالمشهد الشعبى المرتبك، وخصوصا فى التعامل مع المحامى ولد سيدى الذى حمله الآلاف على الأعناق وفتحت أمامه القنوات الإعلامية والفنادق بشكل غير مسبوق، ضمن موجة شعبية عارمة أنتفض أصحابها حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وانحازوا إلى كل من يرفع الشعار ويكبر ضمير الأمة المنتفض ضد دعاوى المسيئ.

غير أن الاحتضان الرسمى بالذات لم يعمر طويلا بعد أن كشف المحامى خلال الفترة الأخيرة عن وجود أطراف حكومية وأمنية تتحكم فى مسار اللعبة الشعبية، وعن وجود “أمن تحتانى” يحرض وينظم ويحاول شق صف المنحازين للرسول صلى الله عليه وسلم المدافعين عنه، متهما بعض رجال الأعمال بأنهم الواجهة المدنية للحراك الآخر.

ورغم اعتذار المحامى سيدى المختار للواجهة المالية للحراك-  بعد تداول تسريبه داخل إحدى المجموعات ضمن خلاف أتسع بين المشاركين فيها-، إلا أن عجلة الانتقام تحركت بشكل سريع، ومن أطراف فاعلة فى المشهد الأمنى بالتحديد.

فالرجل الذى ظل يطالب بتوسيع حراك النصرة ليشمل كل المسيئين للرسول صلى الله عليه وسلم من كل الفئات والجهات، بات هو الآن فى مرمى العدالة من خلال دعوى يتهم فيها بالتشهير، والأمن الذى أتهمه بتحريض الناس على التجمهر والتحرك من أجل شيطنة حراك النصرة يمنعه الآن من عقد أي مؤتمر صحفى يعلن فيه موقفه من الحراك والدعوى الأخيرة، ضمن مسار يراد لصاحبه أن يختنق، بينما تتسابق القنوات ذاتها لفتح النار عليه واتهامه ضمن آخرين بمحاولة استهداف مجموعة قبلية وفرض تفاسير معينة للدين الإسلامي.

لقد بدت الصورة أشبه بسيناريو فلم هندى، يمنح فيه الرجل أعلى مراتب التشريف، ويحمل فيه على الأعناق، ويتداول الناس صوره وهو يبكى نصرة للرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام، قبل أن تحاول الجهات ذاته جرجرته للمحاكم بتهمة التشهير، فما الذى تغير خلال الأيام الأخيرة؟

لقد بدت الأمور أكثر من واضحة لمن له قلب أو تابع الحراك بقدر من العقلانية والتفكير.. الأمن يريد الاستمرار فى اللعبة وعلى من يحاول تخليص الحراك منه أن يدفع الثمن بشكل سريع، وبعض رجال الأعمال لديهم أجندة سياسية وتجارية منذ بعض الوقت ومن غير المقبول المساس بها أو التعريض لها مهما كانت درجة الانكشاف والغرور، والمجتمع لديه خطوطه الحمراء، ومساحات اللعب المسموح بها يجب أن تظل معلومة الخطوط، فخارج ولد أمخيطير يحظر التفكير!.

المصدر

اترك تعليقاً