أجواء العيد في النعمة….
تمثل الأعياد الدينية مناسبة كبيرة يعظمها الموريتانيون بكل ما أوتوا من وسائل مادية و روحية. تباع الثياب الفاخرة و تذبح الذبائح و يتصدق علي الفقراء و المساكين و ذوي القربى، الموسر و المعسر سواسية في الإنفاق طيلة أيام الأعياد … و الله يتكفل بزرق الأيام القادمة.
إلا أن العيد ( الفطر) هذه السنة في النعمة يكتسي طابعا خاصا إذ يتراءى للمتسوق و الزائر و الطفيلي في السوق النعمة ضعف إقبال المواطنين علي اقتناء أزياء العيد من أقمشة و نعل و أمساك و قمصان ،وملاحف مصبوغة و غير مصبوغة ، ودراع بزاه الصين و السند و الهند،وفساتين الإمارات و جوده أكبر، …و هلم جرا.وأما عن سوق الحيوانات فحدث ولا حرج.فرغم وفرة رؤوس الأغنام سمينها و غثها ، قصير أذنابها و عريض أوراكها ، و رغم سلة الأسعار المعقولة جدا مقارنة بأسعار الحيوانات في الأعياد ألماضية ،رغم ذا و ذاك يغدوا الباعة( التيفاي) و يروحون بقطعانهم دون أن يبيعوا منها إلا القليل اليسير و كثيرا ما يكون الثمن غير مقبوض
فالفرضيات و الإسقاطات و التحاليل الإستراتيجية الذي تتناقلها شفاه الجميع: ما سـرّ نـدرة السيولة في عيد فطر هذا العام بالذات ؟ و ما الأسباب الكامنة وراء ركود سوق الأقمشة و ألحيوانات ألأن أعداد هامة من سكان النعمة نزحوا إلي العاصمة انواكشوط هربا من الحر التي بلغت قياساته في بعض الأيام أكثر من 49 درجة مئوية ؟ أم لأن السكان عدلوا عن التبذير و تكليف أنفسهم ما لا طاقة لهم به ؟ أم أن السرّ يعود لأزمة سيولة تضرب بحذافيرها كل الجيوب و المحفظات علي امتداد التراب الوطني الغالي ؟
- قال لي بعض من حاورته أن قلة النقود يعود سببها إلي التحضيرات الجارية لاحتضان القمة العربية. والله تعالى ورسوله أعلم.
- قال لي بعض من جاورته أن الدولة عبر وزارة ماليتها و أعمالها ذكية جدا و أنها تريد مكافحة التبذير المفرط خلال الأعياد و بالتالي لم تنض الخزينة إلا بالقليل اليسير من الأوراق النقدية من فئة 100 و 500 أوقية و أن هذا إجراء يخدم حقيقة و حكما أمن و استقرار المواطن و يبني الدولة المدنية !
- و قالت لي إحدى المتسوقات أنها لم تعتاد أبدا اقتناء كسوة أطفالها الثلاثة و بنتيها بأقل من مبلغ مائة و خمسة و عشرون ألفا و أربعة مائة و ستة عشر أوقيه و نيف و أنها في هذا العيد لم يتوفر لديها لحاجيات العيد سوى ربع هذا المبلغ. ولله الحمد علي نصرته لزوجها وغوثه من الورطة
و الملاحظ أن سكان البوادي المجاورة ليسوا بأحسن حال و مآل من سكان المدينة الأم و هم الذين عهدناهم تمتلئ بهم السوق صخبا ، و الدكاكين لبدا و الشوارع ضجرا و بطحاء النعمة جيئة و ذهابا و هبا و دبا و نداء و تصفيقا وعويلا و ….
قال لي بعض حكماء القوم إن هناك أمر أهم لم يفطن له السكــان في النعمة و غيرها من مدن موريتانيا الأعماق.و هو أن أزمــة السيولة هذا العام و ركود السوق وعزوف الآباء و الأجداد و الأزواج و القريب و البعيد… عن الاحتفال بالعيد كما ينبغي له و كما عهدناه في بلاد شنقيط ، أن أزمة السيولة تعود إلي وباء الذهب الذي حــلّ بأعداد ليست بالقليلة من قوانا الحيــة و المنتجة… قول معقول إلي حد ما و الله تعالى أعلم.