النظام يسعى للحوار أم صب الزيت على النار / محمد الأمين سيدي بوبكر

لقد بدأت العطلة الصيفية تلقي بظلالها على الساحة السياسية في وقت مبكر عقب انتخابات 22 يونيو وما أعقبها من أحداث كان كل واحد منها كفيل لوحده بكسر الجمود، وتسخين الوضع، وتحريك المياه الراكدة في الساحة السياسية المزدحمة بالمتناقضات.. ونظرا لحساسية المرحله في هذه اللحظة المفصلية من تاريخ البلد.. قام النظام في الآونة الأخيرة بخطوة لم يعتدها منه المعارضون خلال السنوات العشر الأخيرة تمثلت في تنظيم لقاءات تشاورية مع مرشح المعارضة المتصدر بيرام الداه اعبيد كبادرة حسن نية ونواة لتنظيم حوار وطني مع المعارضة من أجل تطبيع الحياة السياسية.. مايطرح الأسئلة الثلاث التالية:

  1. هل النظام جاد في رغبته في تطبيع العلاقة مع المعارضة وتهدئة الساحة السياسية؟
    2.هل يستغل النظام رغبة المعارضة في الحوار لتضييع الوقت عليها؟
  2. هل يريد النظام استدراج المرشح بيرام وشق صف المعارضة؟ وستكون إجابتنا على الأسئلة الثلاثة على الترتيب من خلال ثلاث سيناريوها بدأت تعشعش على المشهد السياسي الموريتاني بالتزامن مع فتح النظام قناة تواصل مع المعارضة..

السيناريو الأول: النظام يريد تطبيع العلاقة مع المعارضة وتهدئة الساحة السياسية – وذلك يعني بالضرورة كسر كل الحواجز بين الطرفين، والجلوس معا إلى طاولة التفاوض، وفتح كل الملفات الساخنة، والبحث لها عن حلول، وتجاوز كل العراقيل والمعوقات، ومن ثم إشراك المعارضة في السلطة التنفيذية لمواكبة تنفيذ مخرجات الحوار، بتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة المرشح الحائز على المرتبة الثانية بيرام الداه اعبيد، وهذا السيناريو غير مستبعد إن كان قد حدث تغيير حقيقي في النظام كما يدعي مناصروه.

السيناريو الثاني: النظام يستغل رغبة المعارضة في الحوار لتضييع الوقت عليها – وهذ السيناريو غير مستبعد أيضا إن كان النظام لايزال هو هو كما يرى معارضوه؛ وقد أظهرت له المعارضة مبكرا رغبتها في الحوار وتهدئة الساحة السياسية، وهي في الحقيقة ضرورة سياسية ومصلحة وطنية، لكن لايستبعد أن يستغل النظام رغبة المعارضة الجامحة في الحوار، لتضييع الوقت عليها بمشاورات صورية وتحضيرات مسرحية، لحوار هزلي، إلى أن يتمكن النظام القادم ويشتد عوده، ويبسق قبضته، ليسحب البساط من تحتها يوم لات حين مناص.

السناريو الثالث: النظام يريد استدراج بيرام وشق صف المعارضة – وهو غير مستبعد إن لم يصدق ادعاء البعض بحدوث التغيير، وإن كان أقل حظوظا من سابقيه في التنفيذ، لأنه قد يصعب علي النظام استدراج المرشح بيرام وإغراؤه بأي مكسب مادي أو معنوي، لأنه ببساطة يطمح للرئاسة وهو أقرب الموجودين في الساحة إليها، ولا مكسب مادي أو معنوي يعادلها، وقد بدأ ذلك يطفو على السطح، إذ أكد في مؤتمره الصحفي الأخير أن هناك جهات من النظام تعمل على شق صف المعارضة، وهو مايقلل من إمكانية انطلاء اللعبة عليه، وتحقق هذا السيناريو، إن كان النظام حقا يصبوا إليه، لأن بيرام امتلك في الآونة الأخيرة من الدهاء والحنكة السياسية، والقدرة على المناورة، والخبرة في مكائد النظام، ما يصعب من استدراجه وتدنيس صورته بهذ البساطة، ما يجعل وقوعه في مصيد النظام شبه مستحيل لكونه مجازفة بمستقبله السياسي الواحد إن استمر على هذا النسق، وقد بدى ذلك جليا أيضا في خرجته الإعلامية الأخيرة إذ دعا زملاءه إلى الشفافية مع جمهورهم، والعمل على ترتيب البيت الداخلي المعارض، مؤكدا أن لا تفاوض مع النظام دون بقية الأطراف المعارضة ولسان حاله يقول ما قال الشاعر الراحل الشيخ ولد بلعمس:
على السفينة عشرون الرياح بهم
طورا تميل وتأتي مرة نشرا
يابحر ما أنا بالناجي إذا غرقوا
ولا الأمير إذا لم يصبحوا أمرا

إلى أن تثبت الأيام المقبلة، أي السيناريوهات سيكون أكثر قابلية للتطبيق، ومدى مرونة النظام وقدرته على التفاوض، يبقى الحوار ضرورة سياسية ومصلحة وطنية لإنقاذ البلد من مطبات الأزمة السياسية الخانقة التي يرزح تحتها منذ قرابة عقد من الزمن، وكذا الأيام وحدها كفيلة بالكشف عن ما يريد النظام من المعارضة، أهو حوار أم صب للزيت على النار.
حفظ الله موريتانيا..

اترك تعليقاً