الحوار الوطنـــــي: ما بين البيانات و البيانات المضــــادة… أين تكمن الحقيقة

موريتانيا: حرب بيانات وبيانات مضادة بين الحزب الحاكم ومعارضيه

عبد الله مولود

Sep 26, 2016

نقــــلا عن القدس العربي: ضمن حرب بيانات أشعلتها وثيقة نشرها قبل أيام حزب تكتل القوى بزعامة أحمد ولد داداه وينشغل بها لحد اليوم المشهد السياسي الموريتاني، شن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا في بيان أصدره أمس هجوما لاذعا على معارضيه في حزب التكتل.
ووصف الحزب نشر حزب التكتل لوثيقته، التي تثير جدلا واسعا في القنوات وداخل مواقع التواصل، بأنه داخل ضمن « الأزمة الحقيقية، الأخلاقية والنفسية قبل السياسية، التي يعانيها أصحاب الوثيقة الذين أصبحت تصرفاتهم ومساعيهم وأساليبهم وتمنياتهم، يضيف حزب الاتحاد، يحكمها خليط من الخرف والحقد والحسد وسوء الحظ «.
«ففي الوقت الذي استطاعت فيه بلادنا بفضل القيادة الرشيدة لفخامة رئيس الجمهورية، يقول الحزب الحاكم، استيعاب الآثار السلبية للظروف السياسية والاقتصادية الإقليمية والدولية الصعبة، يحاول البعض جاهدا، من خلال حملات مغرضة، تثبيط الهمم، والتشويش على النجاحات المتتالية».
وبدأ حزب الاتحاد بيانه بالرد على السياق الذي وصفه حزب التكتل المعارض في بيانه بأنه أزمة متعددة الأوجه تعاني منها موريتانيا منذ انقلاب 2008.
ونبه حزب الاتحاد «الرأي العام بأن حزب التكتل ومن هم وراءه، كانوا مؤيدين ومبررين ومدافعين عن ما يسمونه اليوم انقلاب 2008 ويعتبرونه سبب كل المصائب في حين سموه بالأمس، وعلى رؤوس الأشهاد، حركة تصحيحية، حسب تصريحاتهم، في تلك المرحلة».
وأكد في رده «أن الأرقام الفلكية التي تحدث عنها حزب التكتل وذكر حصول موريتانيا على ما قيمته 7847 مليار أوقية من المداخيل في الفترة ما بين 2010 ـ 2014، أرقام لا أساس لها من الصحة، فمداخيل البلد السنوية من التمويلات الداخلية والخارجية مدونة ومعروفة ولا يمكن الخلاف حولها».
«ففي الفترة مابين 2010ـ 2014 ، يقول حزب الاتحاد، بلغ مجموع مصاريف الميزانية، بما في ذلك المصاريف الممولة من موارد خارجية 1939 مليار أوقية، أي أقل أربع مرات من الرقم المذكور في بيان حزب التكتل، ثم كيف تفوق التمويلات الخارجية في هذه الفترة، حسب زعم البيان، خمسة أضعاف المجموع التراكمي للمديونية الخارجية ؟».
وأكد حزب الاتحاد تفهمه التام «لعجز أصحاب البيان عن استيعاب حجم الإنجازات الكبيرة والتحولات الجوهرية التي عرفتها كل مناطق البلاد، فمن يعيش خارج زمنه وخارج بلده، ومن لا يرى الواقع إلا من خلال مصلحته المتناهية في الخصوصية والضيق لا يلام إذا لم يبصر المستشفيات والجامعات والمدارس والطرق والموانئ والمطارات والكهرباء والماء وعشرات الآلاف من القطع الأرضية الموزعة على الفقراء وسنوات من دعم المواد الاستهلاكية الضرورية لصالح الفئات الهشة».
وحول مسألة الخيارات الاقتصادية غير المبررة، التي أثارها حزب التكتل المعارض في وثيقته، أكد الحزب «أن افتخار النظام بمستوى رصيد حساب الخزينة ومستوى رصيد البنك المركزي من العملات الصعبة، ينم عن سوء فهم لتدبير الموارد وأن الأرصدة ما وجدت إلا لتصرف وتستثمر..».
وتابع ردوده قائلا «كيف يمكن لحزب يحترم نفسه أن يعتبر بدون خجل، مشاريع كالتي ذكرها بيانه غير مبررة، كمطار أم التونسي الدولي…. هذا المشروع العملاق الذي كان البلد بأمس الحاجة إليه والذي يعتبر اليوم مفخرة لجميع الموريتانيين، شهد بذلك القاصي قبل الداني، والمعارض قبل الموالي، وكيف يمكن أن نعتبر محطة نواكشوط الكهربائية الجديدة ترفا؟ هل نسي هؤلاء سنوات الظلام الدامس المستمر وغياب أي أفق وأي أمل لحل مشكل الكهرباء في البلد، عند الذين كانوا يحكمونه في فترات سابقة؟، ثم بأي منطق يمكن أن نعتبر أن بناء الطرق الحضرية وفك العزلة تبذير لموارد البلد؟ «، يقول حزب الاتحاد.
ورد الحزب الحاكم بعد ذلك، على ما سمته وثيقة حزب التكتل المعارض «تدهور مناخ الأعمال» بسبب التدخل العشوائي للدولة في الاقتصاد الذي قلص دور القطاع الخاص، وبسبب إرادة قوية لدى السلطات العامة لتدمير مناخ الأعمال في البلاد عبر مضايقة رجال الأعمال المنتمين للمعارضة؛ أو المشكوك في «ولائهم» للسلطة، والإصرار على إرساء طبقة جديدة من رجال الأعمال، تنتمي للمحيط العائلي المقرب من الرئيس.
كل هذا اعتبره حزب الاتحاد «كلاما إنشائيا، يحتاج إلى برهان خصوصا إذا صدر ممن تعود قلب الوقائع وتزييف الحقائق، محاولا أن يعطي بعض الأمثلة لما سماه نتائج كارثية للتدخل غير المبرر للدولة».
ورد على ما أكده حزب التكتل من كون شركة «اسنيم» (مختصة في المناجم والصناعة) قد حصلت في الفترة 2010 – 2014 على 7 مليار دولار أمريكي جراء ارتفاع الأسعار العالمية للحديد، إلا أنها لم تقم بأي استثمار لتجديد أدوات إنتاجها، ولم تسع لرصد أي مبالغ تحسبا لانخفاض الأسعار.
وأوضح حزب الاتحاد «أن قيام شركة «اسنيم» بتوسعة الميناء المعدني، وبناء مصنع TO 14 والقلب 2، وتشييد قالب الحاويات وإقامة المحطات الكهربائية وشبكات الاتصال وإقامة مركز لتكوين الموارد البشرية كلها استثمارات كبيرة في أدوات الإنتاج وآليات تطويره»، مضيفا «أن الشركة استطاعت أن تقاوم صدمة انخفاض الأسعار من 140 دولارا للطن منتصف 2014 إلى أقل من 25 دولارا للطن شهر كانون الثاني/ يناير 2016، والصمود كل هذه الفترة، في حين تهاوت آلاف الشركات العاملة في القطاع في كل مناطق العالم».
ورد الحزب الحاكم على انتقادات وجهها حزب التكتل المعارض لسياسة الصيد التي تتبعها الحكومة فأوضح «أن الشركة الصينية «هونغ دونغ» تعمل وفقا لاتفاقية ناقشها باستفاضة وصادق عليها البرلمان الموريتاني في وقت كان لحزب التكتل فريق برلماني داخل الجمعية الوطنية. أما حول القيمة المضافة التي خلقتها هذه الشركة فنحيل أصحاب البيان، يضيف الحزب، إلى مئات فرص العمل التي خلقها هذا المشروع وإلى الاستثمارات الكبيرة التي أقيمت والبنى التحتية التي تم تشييدها».
وبخصوص التقييم الدولي غير المشرف الذي تناولته وثيقة حزب التكتل، أكد «أن موريتانيا حسنت موقعها بثماني رتب في آخر تصنيف يصدر عن مؤسسة «ممارسة أنشطة الأعمال» (DOING BUSINESS)، حيث احتلت المركز 168 وكانت من بين الدول العشر الأوائل في العالم الأكثر إصلاحا في مجال مناخ الأعمال خلال سنة 2015».
وحول مؤشرات الظروف المعيشية للسكان التي ذكر حزب التكتل أنها لم تتحسن، أكد حزب الاتحاد «أن مؤشر الفقر في موريتانيا انخفض من 42 في المئة سنة 2008 إلى 31 في المئة سنة 2014 أي بمعدل 1,7 نقطة سنويا وهو أسرع نزول عرفه هذا المؤشر في موريتانيا منذ أن بدأ قياسه سنة 2009، كما أن موريتانيا تقدمت خمس رتب على مؤشر التنمية البشرية سنة 2015، هذا إلى جانب مؤشرات أهملها حزب التكتل كمؤشر حرية الصحافة ( الرتبة الأولى عربيا) وحرية التعبير ومؤشر الشفافية والملاحة الجوية ( الرتبة الثانية أفريقيا)».
واتهم الحزب الحاكم في ردوده حزب التكتل وبعض أروقته وبعض مموليه «بتزويد المنظمات المشرفة على هذه المؤشرات بمعلومات مغلوطة من أجل تشويه صورة موريتانيا معتقدين، وهم واهمون مطلقا، بأن ذاك سيقربهم من أهدافهم الصغيرة».
وحول الانهيار الوشيك والكارثة الاقتصادية التي ذكرها حزب التكتل المعارض في وثيقته مستدلا بانخفاض معدل النمو سنة 2015 إلى 2% وبتراجع الواردات الضريبية، أكد حزب الاتحاد «أن آخر المؤشرات الاقتصادية المصدق عليها من المؤسسات الدولية المتخصصة تقدر النمو الاقتصادي المتوقع لسنة 2016 بأكثر من 4%، كما تتوقع انخفاض عجز الميزانية إلى أقل من 1%، وتراجع عجز الحساب الجاري لأقل من 14% ، مع توقع بضبط معدل التضخم دون مستوى 2%».

اترك تعليقاً