رأي صوت الشـــرق | الدروس المستخلصة من الحوار الوطني الشــامل

   اختتمت ليلة البارحة الجمعة الموافق 21 أكتوبر 2016 بقصر المؤتمرات  فعاليات الحوار الوطني الشامل بعد أزيد من ثلاثة أسابيع كانت حافلة بالأخذ و الردّ، ونقاش الآراء و تبادل الأفكار في أجواء سادها بعض الأحيان التفاؤل، و في بعض الأحايين الأخرى طبعتها المشادات و المجابهة الإيجابية. ثلاثة أسابيع حبس خلالها كل الموريتانيين أنفاسهم في انتظار ما ستؤول إليـــه النقاشات ببين طرفين لطالمـــا تبادلا  اتهامات عدم الجديـــة و التقوقع حول رؤى و مواقف لا ترسم أي أفق لنزع فتيل الخلافات و تخطي العقبات لإرساء قواعد للحياة المدنية.

انتهى الحوار بالتوصل إلي اتفاق علي جملة من القضايا التي لم تخطر علي بال أي متابع للشأن السياسي و بالأحرى تطلعات الشعب الموريتاني. و حيث تم التوقيع بين الأطراف المتنافسة – المتحاورة علي مخرجات ركنت إلي وضع الدولة الموريتانية في المقام الأول و المصلحة العـــامة للخادمة للشعب الموريتاني فوق كل اعتبار، متحدية بذلك تشكيك المشككين، و مزايدات سماسرة الزبونية السياسية، و التشبث بمصلحة الأفراد السلطويين، و دعاة الفرقة و الغلو.

إن مخرجات الحوار السياسي تشكل تجليات صدق الإرادة السياسية للبلد ، و روح المواطنة العاليـــة التي برهن عليها النظام و جسدها إلي أرض الواقع جهابذة من خيرة سياسيينا و مثقفينــــا و مفكرينا رغم تباين الآراء و تزاحم المواقف و تعدد المشارب السياسية و الاجتماعية. إن المتحاورين كانوا – و الحق يقال- علي قدر يحسدون عليه من الانسجام ،و المسئولية ،و القدرة الفائقة علي البرهنة للرأي العام الوطني و الدولي أن الموريتانيين يمتلكون من الحكمة و الأناة و نقاء السريرة ما يمكنهم من رسم و ترسيم مستقبل حياتهم المدنية بأنفسهم لأنفسهم لا يحتاجون في ذلك إلي من يرصد لهم ما ينبغي و ما لا ينبغي. كما برهنوا علي قدرة المجتمع الموريتاني علي تحكيم  ديننا الإسلامي الحنيف الداعي دائما و أبدا إلي:(( و لتكن منكم أمة يدعون إلي الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر)) ، و إلي:(( و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا …الآية)) ، و إلي:((و أمرهم شورى بينهم..))، و إلي قول رسولنا الكريم عليه أفضل الصلوات و السلام:(المؤمنون تتكافأ دماؤهم و يجير عليهم أدناهم… أو كما قال صلعم)

إن تجرد المتحاورين ، معارضين و موالين، من خطابات التخوين والاستهجان ،و توصلهم إلي المخرجات الواضحة المقتضى و التي ل لبس فيهـــا حول حسن النيات و تغليب لغة التعايش السلمي و التداول الديمقراطي الحضاري، ترك الفرص سانحة لاستخلاص الدروس القيمة التالية:

  • أن لا بديل عن المحاورة بين الفر قاء مهما كانت عينة و حجم  القضية المطروحة

  • أن جوهر الإشكالات السياسية والاقتصادية لا يكمن في ذات الحكام الذين تعاقبوا علي موريتانيا ، بل في الحاشية التي عهدت علي نفسها التمسك بشخص فلان أو فلان مادام في سدة الحكم و لو كان تسلطه علي حساب الدولة  و النظام الموريتانيين

  • أن الموالاة لا تعود موالاة حقيقية إلا إذا أحسنت إسداء النصح و التوجيه الخالصين لله أولا ،و للنظام الذي تؤيده، موالاة قادرة علي البـــوح بقول”لا”   كما جبلت علي قول ” نعم”  عملا و إيماء في أدني و أخطر المواقف.

  • أن المجتمع الموريتاني بمتخلف مشاربه السياسية و الثقافية، وألوان طيفه الاجتماعي… محكوم عليه أبدا بالتعايش السلمي، يتكامل بعضه البعض علي الأرض الموريتانية، و يجير بعضه البعض و يحميه علي الأرض الموريتانية.

  • أن المعارضة لا تسمى معارضة إذا كانت لا تؤمن بالثوابت الدموقراطية

  • أن زمن المزايدات و تكميم الأفواه، و تعطيل المواقف قد ولى إذ أضحى الشعب الموريتاني يمتلك من الوعي السياسي و المدني ما يؤهله لوضع أسسا فاضلة للعيش الكريم و التعايش السلمي و كبح جماح دعاة الغلو و الفرقة و التطرف و البغضاء و السّخـــــرة.

  • أن الثورات و التغيير لا يأتيان حتما عن طريق الصراع المسلح و تهديد الأمــن الأهلي،و تحريك الترسانات العسكرية و الأمنية. قد يحدث الحــــوار و الشـــورى و تحكيم العقل و تغليب المصلحة العليـــا ، ثورة أسني و أسمى تحفظ للطن هيبته،و للنظام مواطنته ، و للغني ثروته، و للفقير المحروم مــاء جبينه، وللحكومة فاعليتها، و للحيز الترابي طهارته و نقاءه، و للحاكم العادل المترفع عن المصلحة الدنيئة هيبته و تعلق الشعب ببرنامجه الإصلاحي المستنير.

  • أن تجديد الطبقة السياسية و خطاب أنا-الحـــــزب أمست أمورا لا منــاص منها في عالم السرعة، و اكتشاف الذات، و التحرر من شكائم الاستعباد الفئوي و القبلي و التبعية الخرقاء و المتاجرة بالخيارات و القناعات و تشتيت الجهود و المرامي. وحيث أصبح إشراك الشبــــاب، بناة موريتانيا الغد القــوي، البوابة الأحادية التي لا يمكن تخطيها و درس آمالها و تطلعاتها.

  • مخرجات الحوار علمتنا درس حتميــــة تكاثف الجهود و التسليم بأن سلمنا الأهلي حتمية يؤكد عليها الواقع و التاريخ والدين ومتانة جذور الانتماء لهذا البلد الطاهر و الطيب كنفه.

التحــــرير

اترك تعليقاً