القمة العربية و الولادة القيصرية

صوت الشرق تتواصل علي قدم و ساق الأعمال التحضيرية لقمة المنظومة العربية المزمع انعقادها  أواخر يوليو الجاري في انواكشوط. و لا تألو  السلطات السياسية و الأمنية أي جهد  لترسيم و تنفيذ الخطط الناجعة من أجل إنجاح القمة و خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار أن موريتانيا، هذا البلد العربي الإفريقي الشهم ما كان لها  حكومة و شعبا أن تحلم  باستضافة زعماء جملة واحدة و هم الذين يعامل بعضهم موريتانيا بالنظرة الدونية و أنها بلد بعيد عن الحداثة و المدنية.

أجل. ستعقد القمة يقينا في الظرفين ألزماني و المكاني المرسومين لها. و رغم ذلك، لا يخلو المراقب المستنير و حتى المغفل و المنسي من طرح بعض الاستشكالات العقلانية: من يا ترى سيحضر فعلا من بين القادة العرب أنفسهم؟ و هل يسبق الأقرب الأبعد إلي مطار أم التونسي الدولي ؟  أألخليجيون أم المغاربة ؟

لنا أن نجزم بحضور الرئيس اليمني عبد رب هادي منصور الذي أعلن رسميا مشاركته في القمة. و لكن هل يقاس جزم هادي بجزم الزعماء الآخرين و هو الذي يسعى حثيثا لكسب التأييد العربي و الدولي للقضية اليمنية و لعاصفة الحزم ضد الانقلابيين و من والاهم؟ و الذي يفوت هادي منصور أن عزل الإنقلايين ليس بالأمر الهيّن خاصة إذا كانوا عرب قد دفعتهم الأنظمة العربية و حلفاءها من الغرب صونا ** لمصالحهم الإستراتيجية**. سيحضر هادي منصور إذن ، و السيسي هذا الذي ما انفك يبذل الغالي و النفيس بغية شرعنة ** ثورته في 30 يونيو المزعومة**. كما لا نشك في أن رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبي سيكون في طليعة المشرفين لدعوة ولد عبد العزيز ، كما لا نستبعد ثمة حضور رئيس السلطة الفلسطينية فإلم يكن لكبير مفاوضيه لأنه لربما أكثر دبلوماسية و حماسا للقضايا العربية الصرفة. أما الرئيس الغامبي هذا البلد المستعرب الجديد فإننا اعتدنا ،في انواكشوط كما في أعماق فيافينا، مقامه بين ظهرانينا. فلعل يحي يحيي القمة كمراقب و كصديق حميم لكل الرؤساء الموريتانيين المتعاقبين علي القصر الرمادي…

الرئيس بوتفليقة لن يحضر  قمة انواكشوط. عذره في ذلك جلي لكل من له عقل أو ألقى السمع. ينتظر المراقب الموريتاني حضور الباجي قايد السبسي علي الأقل ليستجلب المساعدة من أشقائه الفرسان في حربه علي الإرهاب في تونس البوعزيزي و ليثبت للموريتانيين أن سلفه لم يكن أكبر منه تمسكا  بحسن روابط  الأخوة و الصداقة و التاريخ و الجغرافيا  مع الشعب الموريتاني الغالي.

و في ضوء توتر العلاقات ( لماذا و هل يمكن و هل يصلح؟) بين موريتانيا و المغرب، فالسنغال مؤخرا… يبقى السؤال الشاغل لكل الموريتانيين ما إذا كان العاهل المغربي محمد السادس سيغفل هنيهة عن التوتر الحاصل و يحضر و لئن كان لمراسيم الافتتاح فحسب ثم يعود أدراجه؟ و هلا يجئ الهاشمي ( و الهاشميون كثر في موريتانيا) الملك عبد الله و هو الذي ينشغل في هذه الآونة الأخيرة بشأن  تطبيع العرب مع العدو الصهيوني أكثر مما تشغله المسائل العربية و قضايا الأمة و الأحلاف العربية و القمم العربية و ما تحويه في أحشائها من خطابات الضاد المنمقة بالسجع و البلاغة و النحو و الصرف و القوافي و المدح و الحماسة و تذاكر الأطلال و الرمم البالية و الحماسة و الفروسية….و هل يؤثر غياب العاهل الأردني علي العاهل السعودي؟ و ملوك البحرين و عمان و القمر؟ و أمراء قطر و الكويت و الإمارات؟ و سلا طين السودان و جيبوتي…و هلم جرا. و ماذا عن لبنــان ، هذه البلد العربي الذي يعجز برلمانه للمرة 42 عن انتخاب رئيس للجمهورية ؟

نذكر المراقبين (السذج فقط) بأن الأنظمة الملكية و من علي شاكلتها يحسنون الرقصة علي وتيرة موحدة لا يفهمون غيرها و لا يختارون عنها بديلا و لو كانت تأتي من أعز الأصدقاء عليهم و أقربهم مودة لهم).

هنالك إشكالية  أخيرة تؤرق جبين  المشاهد الموريتاني البسيط  و هي ما إذا كان الجانب الصحراوي سيحضر قمة انواكشوط و هل في ظل عزوف  المغرب  عن المشاركة أو في ظل حضوره  وجها لوجه مع  الوفد الصحراوي؟

و هناك سؤال –  قد يكون هو الأخير (حتي إثبات العكس) و هو ما إذا كان ولد عبد العزيز سيبلغ حدّ عصيــان الشعب الموريتاني فيستقدم عليه أيا يكون من نظام بشار الأسد؟ لا نظن  حدوث ذلك و لا يدور في مخيلتنا حتى،اللهم إلا  إذا كان قياصرة السياسة و الإستراتيجيات الدولية عجزوا ،إلا في موريتانيا ، عن إجراء عملية قيصرية  لقمة المنظومة العربية …

 

التحرير

اترك تعليقاً