قمة العرب: الخيمة الموريتانية

يشعر كل الموريتانيين بعزة النفس و شرف الجبين مذ أعلن رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز بفخر و اعتزاز عزمه استضافة نظراءه العرب ولو تحت الخيام. و ليس فخرنا باحتضان القمة العربية فحسب بل  أيضا بالرمزية الثقافية و الحضارية التي يختص بها المجتمع الموريتاني عبر علاقته التاريخية الوثيقة و المتينة بالخيمــة ، هذا المأوى الخفيف البنية ، الثمين المغزى،  الذي اتخذه  أجدادنا منذ سالف الأزمنة سكنا  يقيهم الحر و القرّ، و مدرسة مفتوحة لطلاب العلم، ونزلا للراحة و الاستجمام و لتنظيم مناسبات العجر والبجر…

الخيمة بالنسبة لنا أغلى من ناطحات السحب ،ومن القصور العائمة ،و من فنادق خمسة نجوم. إنها الحيزّ الطاهر الرحب الذي فيه ولدنا وتحت ظلاله تربينا و ترعرعنا. هي القصر المذهّب الذي في كنفه ضحكنا ،و شدونا، و بكينا ،و عدونا ،و عثرنا ،و نهضنا وقاومنا فانتصرنا… الخيمة هي الجامعة العلمية التي تخرج منها جهابذة العلوم الإسلامية و السفراء الشناقطة الراسخين في العلم الذين حملوا مشعل الحضارة الإسلامية فجابوا بها مشارق الأرض و مغاربها. إنها السلم و السلام. إنها السعادة و الكبرياء. إنها تجليات الجمال الروحي و نقاء القلب و طول اليد و استنارة البصيرة.

إننا نفتخر حقا بولد عبد العزيز الذي عبر عن وطنيته الصادقة و ثقته الكامنة في جذور انتمائه الثقافي و الحضاري لموريتانيا الصحاري النقية، و الهواء الطلق، و الضيافة الوفيرة… موريتانيا  طلاقة الوجه، و بياض السريرة، و طيب الحديث، وشهامة النفس،و سرعة البديهة،وقوة الوعد، و سماحة الخلق ، و جمال الخلق… موريتانيا الخيمة والنخيل و اللبن و السيف والدواة و القلم و الترتيل و القوافي و السجع والابتسامات الواسعة البريئة براءة الوليد…

إن رمزية الخيمة تعني لنا كل شيء . هي:الفوز و التوفيق، هي النجاح و الطمأنينة و الآمان و سكينة الروح والمحبة ، هي الرجاء و الرحمة والتراحم، هي موطن التكامل و التكافل والبركة و الأنفة والشجاعة و الفتوة و الانتصار…صدق الحديث، صدق الوعد، إخلاص التقوى…

“…و لو تحت الخيمة.”.. استضفها ميمونة، موفقة، مباركة… استضفها لأن موريتانيا هي الخيمة العربية الكبرى. لأن موريتانيا هي خيمة شعبها ألأبي… الشعب أوتادها و الرئيس المقدام عمادها الذي يأبى إلا أن يرفعها عالية فوق السجف، فوق البحار، فوق الجبال الراسيات ، فوق الرمال المتحركة ، فوق الآكام المتشابكة ،فوق الآمال ، فوق التحديات…

ستنجح يقينا القمة العربية في انواكشوط عاصمة العرب علي أرض موريتانيا الظهير العربي  الأيمن للعرب… بلى يقينا أنها نجحت نجاحا مبهرا  قبل أن تبدأ حتى، بعزم شعبها وقائدها و حكومتها و إيمانهم الواسع بالله ،بانتمائهم العربي و الإسلامي و بقدرتهم علي تحمل أعباء المسئوليات الجسام ،و برسوخ هاماتهم في ثقافة الكرم و حســن الضيافة و محبة الخير و التناصح و التصالح و التعاضد.

سيذكر التاريخ وستتناقل الشفاه  الزكية للأجيال القادمة أن موريتانيا قد استطاعت أن تبني لها مجدا عجزت الأمم الأرسخ في المدنية عن بنائه بفضل غيرة قائدها المقدام علي الكينونة الموريتانية.

ولتسجلنّ الذاكرة العربية أن موريتانيا كان بها رجال صدقوا ما عاهدوا بني جبلتهم عليه فتركوا آثارا لا تنمحي ولو طال عليها الصدأ و عاديات الزمن

” وآثار الرجال إذا تناهت… إلي التاريخ خير الحاكمينا”

” و ما استعصى علي قوم منال…. إذا الإقدام كان لهم ركابا”

                                                   (أحمد شوقي).

التحرير

 

اترك تعليقاً