قرار من وزارة الصحة بإغلاق عشرات الصيدليات والعيادات!

أصدرت وزارة الصحة أمس الأول مذكرة تقضي بإغلاق العشرات من الصيدليات والعيادات والمختبرات الصحية في العاصمة انواكشوط نتيجة عدم استيفائها الشروط المطلوبة.

المذكرة قالت إن هذا الإجراء تم اتخاذه إثر تفتيش واسع أجرته المصالح المختصة في الوزارة تبين على إثره أن الجهات المشمولة بهذا القرار لم تستوف الشروط اللازمة لمنحها الترخيص بمزاولة نشاطاتها.

قرار وزارة الصحة الذي تزامن مع سلسلة احتجاجات نظمها الأطباء وجراحو الأسنان العاطلون عن العمل بعد صدور قرار بمنع من تجاوز عمره الخامسة والثلاثين من دخول سلك الوظيفة العمومية أثار موجة واسعة من ردود الفعل الغاضبة بعدما اعتبر عدد كبير من المتضررين أنه قرار غير عادل ولم يؤسس على معايير شفافة، بل اتسم بالانتقائية في الأهداف والتنفيذ.

خريطة الإغلاق

قرار الإغلاق شمل ست عيادات للأسنان، وخمس عيادات طبية، وسبع عشرة من عيادات الفحوص، وأربعة مختبرات؛ كما شمل سبعين صيدلية ومستودعا صحيا في عموم مقاطعات العاصمة توزعت على النحو التالي:

-ثلاثة مستودعات صيدلية في الرياض.

-ستة مستودعات في دار النعيم.

-أربعة مستودعات وصيدلية في السبخة.

-خمس صيدليات ومستودع في الميناء.

-ستة مستودعات وصيدلية في توجنين.

-ثمان صيدليات ومستودع في لكصر

-خمس صيدليات ومستودعان في تيارت.

-ثلاث عشرة صيدلية في تفرغ زينه

-ستة عشر مستودعا وثلاث صيدليات في عرفات.

شكاوى مبررة..

ما يبدو مستغربا في مذكرة وزارة الصحة هو طبيعتها العشوائية وانتقائيتها في التنفيذ؛ فالقرار لم يتجاوز العاصمة انواكشوط إلى الصيدليات والعيادات والمختبرات والمستودعات الصحية التي باتت منتشرة في أغلب مدن البلاد دون رقيب أو حسيب؛ كما أنه من بين خمس وأربعين عيادة أسنان غير مرخصة في العاصمة انواكشوط لم تنص مذكرة الإغلاق إلا على ست فقط (الريان، واليسر2 وعيادة د.محمد يحي، وعيادة الإيمان، وناصر الدين، ومجمع الكندي).

كما أن واحدة فقط -من بين هذه الست- تم تنفيذ الإغلاق في حقها؛ فيما لا تزال الخمس الباقية تمارس أعمالها دون مضايقة.

فقط عيادة الإيمان لطب الأسنان أحكم إغلاقها رغم أن ملفها المستوفي كل المواصفات موجود على مكتب وزير الصحة في انتظار التوقيع منذ تاريخ 03 /11/ 2006 بعدما تجاوز العقبات الكثيرة في طريقه إلى الوزير.

ويستغرب صاحب عيادة الإيمان سلوك السلطات الوصية وتلكؤها في منحه الترخيص المطلوب متسائلا: “لماذا يمنعوننا ترخيصا نحن له مستحقون، وما السبب الذي يجعل الوزارة تحكم إغلاق بعض العيادات دون البعض الآخر رغم أن الكل مشمول بذات القرار؟”.

أما أصحاب الصيدليات والمستودعات الصحية فلم يخف العديد منهم استغرابه أن تعمد الوزارة إلى تطبيق هذا القرار متعللة بعدم توفر من شملهم على تراخيص؛ مؤكدين أن أطرافا نافذة في الوزارة لا تبدو راغبة في منح تراخيص لمن توفرت فيه شروطها.

أحد ملاك الصيدليات المتضررة (فضل عدم ذكر اسمه) أكد لـ”السفير” وجود لوبيات وأصحاب مصالح يتاجرون في هذا المجال يرغبون من وراء ذلك في الهيمنة على هذا الميدان واحتكار منافعه.

قصة المواطن عمر ولد أحمد الإمام صاحب صيدلية صلاح الدين في الميناء المشمولة بقرار وزارة الصحة تؤكد ذلك.

فهذا الرجل المولود بأبي تلميت عام 1958 ظل يعيش مع أسرته منذ عام 1998 في غينيا بيساو ويزاول التجارة في ميدان الصيدلة، وقد عاش هناك أحداث الحرب الأهلية عام 1998 حيث اختطف ابنه الوحيد قبل بلوغه الثالثة من العمر، وهو ما دفعه إلى التفكير جديا في العودة إلى البلاد واستثمار خبرته المتراكمة في هذا الميدان لصالح أبناء وطنه.

اتجه عمر إلى قنصلية بلاده في بيساو؛ حيث حمل منها توصية بإعادة دمجه تفيد أنه كان يزاول عمل الصيدلة.

“فور عودتي إلى البلاد عام 2004 (يقول ولد أحمد الإمام) بادرت إلى السلطات المختصة في المجال بطلب ترخيص لصيدلية مكتملة الشروط تحتوي على أجود تكييف وذات أبواب من الألمنيوم وبها دفتر وصفات (CAHIIER D ORDONNANCIER) و صيدلاني مختص، وقد منحتني إدارة الصيدلة وصلا يحمل الرقم DLP400، إلا أن الترخيص ظل محجوبا عني لأسباب لا أعرف ما هي.. كل ما أعرفه (يضيف ولد أحمد الإمام) أنها لا تتعلق قطعا بالشروط المحددة لدى وزارة الصحة.

لقد اخترت لهذه الصيدلية أن تكون في مقاطعة الميناء قبالة الحاكم؛ حيث سكان الكبة المحتاجون إلى تقريب خدمة الدواء، وسميتها صيدلية صلاح الدين”.

وأمام رفض الجهات المعنية في الوزارة منحه الترخيص وحيلولتها بينه وبين لقاء المسؤول الأول في الوزارة لمفاتحته في الموضوع بادر عمر ولد أحمد الإمام إلى كتابة رسالة إلى سعدنا ولد ابحيده -وزير الصحة حينها- سرد فيها معاناته في الغربة وما لقيه من إعراض مسؤولي الوزارة -غير المبرر- عن منحه الترخيص لصيدليته المكتملة الشروط بعد عودته إلى أرض الوطن، واختتمت الرسالة بمناشدة الوزير للتدخل السريع لرفع الحيف ومنح الحقوق لأصحابها، كما توجه برسالة أخرى إلى رئيس الجمهورية تحمل المضامين ذاتها.

لقد فوجئت تماما -يقول ولد أحمد الإمام- حين توصلت في السادس عشر من نوفمبر بإنذار من حاكم مقاطعة الميناء يمنحني “مهلة عشرة أيام لإتمام ملف صيدليتي القانوني، وإلا فسيتم إغلاقها طبقا للنصوص المعمول بها” فأية شروط قانونية هذه التي لم أستكملها؟ يتساءل ولد أحمد الإمام..

السفير

اترك تعليقاً