حينما تكون الخيانة وجهة نظر !! / الغاظي مولاي أحمد
قبل سنوات وسنوات كتب صلاح خلف – أبو إياد – في كتابه “فلسطيني بلا هوية”: أخشى ما أخشاه أن تصبح الخيانة وجهة نظر”، كانت عبّارة كتبها صاحبها وهو يرى بأم العين رفاقه “المناضلين” وهم يبيعون القضية خطوة بخطوة، ويتنازلون درجة درجة، ويخلقون
لذلك المبررات والأعذار !
هناك بعض الأمور و الأحداث تمر من أمامك دون أن تعيرها أي إهتمام..لكن أحيانا كثيرة تصفعك التساؤلات وتتداخل الأحاسيس لتتمرد الحروف فوق الحروف لتكتب فوق مالايقال.. مايقال !
تفاجأت كغيري من الموريتانيين المهتمين بالشأن العام بالتصويت الرافض للتعديلات الدستورية المتمخضة عن الحوار الوطني الأخير وخاصة كون حزب الإتحاد من أجل الجمهورية الحاكم يتمتع بأغلبية مريحة تمكنه من تمرير مشاريعه بسلاسة ..لكن أين مكمن الخطأ..وخاصة أن التصويت المضاد من هيكلته !!
وكمراقب حيادي مهتم بشؤون الوطن ومطلع على ما ورائيات الأحداث أشاطر رئيس الجمهورية في وصفه لتصويت شيوخ محسوبين على حزبه تعهدوا له شخصيا بالتصويت على التعديلات ثم نكثوا بعهدهم بأنه وضع غير صحي وخلل بنيوي في نسيج الداعمين ويمس من القيم الشنقيطية و العهود والمواثيق..لكن السؤال الرفيع هو لماذا يفعلون ذالك ؟ وأعتقد بأنه سؤال جاد لا يعني أكثر من مضمونه..فحينما ننظر نظرة فاحصة الي الوجوه المحيطة بفخامته من أمثال رئيس الوزراء وإختياره لمعاونيه علي أسس بعيدة من الكفاءة ووزير المالية الذي صنع للرئيس من الأعداء بحجم مكوسه المجحفة ومحوه للطبقة الوسطي متخذا من تزييف الحقائق وقودا للإستمرارية.. وغيرهم.. والحزب الذي فشل فشلا ذريعا في الإحتفاظ علي الأقل بالتوازنات٬ ناهيك عن القاعدة الشعبية رغم توفر كل الإمكانيات.. وكذاك نواب القاع ورجالات أعمال الصدف وأصحاب أحزاب الشنط فإننا حتما من خلال تلك النظرة ستضربنا أرضا أمواج كريهة من النفاق و الخيانة قد نفقد خاصية التوازن بعدها ..ويبدأ ذالك الجنين في النمو رويدا..رويدا.. إذن يجب مسح الطاولة فورا ويجب أن يكون هنالك مدخل لإعادة تجديد “العقد الاجتماعي” بين الدولة والمواطن ودهس ورمي القديم الي قمامات الخيانة وكما يقول دوج لارسون: بدلاً من إعطاء السياسي مفاتيح المدينة ،قد يكون من الأفضل تغيير الأقفال!…. والعمل علي هدف وطني مخلص ومميز يلبي طموح الأغلبية الصامتة وجنوحها المشهود، يجسد أهدافا أصيلة في تأسيس حقيقي علي أرض الواقع و إعادة بناء القاعدة الشعبية المفقودة بسبب عمائم أدخنة الخيانة والغدر وصناعة جوي ديمقراطي متطور، ذو هوية وطنية واضحة يجمع تحت علمه سائر الشرائح ويدافع إعلاميا بالحجج والبراهين وإلا فالجماهير ستتعثر.. و نحن شعب تعود علي إسنتشاق مخدرات الخيانة.. ناقضي عهود.. قطاع طرق.. وخونة منازل..نحن ما نحن فهل أنتم تلاحظون ..وإن كنتم كذالك فلماذا لا تستحون وتدفنوا رؤوسكم في غياهب مقابر العار !!
يقول شارل ديغول: السياسة أمر أكثر خطورة من أن يترك للسياسيين»،!!
لعل الذين تغنَّوا بديغول كثيرا تناسوا تلك الكلمات.. فإذا كان مافعله الشيوخ بمحض إرادتهم وقد قرؤوا ذلك بصوت مقروء لسيادته لكانت أسمائهم مخطوطة بحروف من ذهب خالص علي لوحات مداخل مدينة انواكشوط .. أما وحالهم هكذا ..رشوتهم بعشرات آلاف دولارات ليتغني بعد ذالك على سطح الهوان من هانت عليه قراءة الخيانة وتبعاتها الإقتصادية التي تتمثل في تكلفة الإستفتاء المقدرة بستة مليارات كان بالإمكان صرفها في مشاريع تنموية..إذا أنسب ما يمكن أن يقال عن هؤلاء الشيوخ أنهم ناقضي عهود وبالتالي خونة بإمتياز..ويجب أن يدفنوا رؤوسهم هنالك بعيدا حيث يرقد الخونة الذين كانوا يبيعون الشهداء من أبطال المقاومة للمستعر وأن يرتدي اولئك الراقصون العميان نظارات سوداء حتي يروا الخيانة بوجهها المتخفي وقد صدق ذلك المثل: الخيانة لا تنجح أبدا لأنها حين تنجع نعطيها اسما آخر!
وعلي حافة الإحتشام والإنهيار تقف المعارضة مغردة علي إنجاز لايؤخر ولا يقدم و ليس من صنعها فهي تعودت الفشل منذ أكثر من ربع قرن فلا جديد يذكر ولا قديم يعاد.. نفس اللغة ونفس المنطق..وأحسن مايمكن أن تقدمه لهذا الشعب الذي خذلته مرارا هو أن تنسحب من المشهد وأن تترك للآخرين الدور من وجوه جديدة محرومة .. لعل وعسي..
وفي المحصلة النهائية نستنتج أنه على الرئيس مسح الطاولة من الخونة وتجديد الطبقة السياسية الداعمة والإستعانة بذوي الخبرة والكفاءة والقدرة على التعبئة والتحسيس هذا إذا أراد الإستمرار علي كرسيه و لضمان إنجاح الإستفتاء الذي ستعمل المعا رضة الخارجية على إفشاله والعمل ضده داخليا وخارجيا وأعتقد بما لا يدع مكانا للشك أن أياد خارجية لعبت دورا محوريا في جعل الشيوخ يصوتون بالرفض.. تلك الأيادي ستعمل جاهدة وبكل ما أوتيت من قوة من أجل صناعة مزيد من الإرتباك ….لذلك بعد مسح الطاولة أستعدوا لمواجهة المال بالمال كسلاح في عصر المادة وأقذفوا به إتجاه هذا المجتمع عندها سترونهم ينسحبون مطأطئي الرؤوس إلى مؤتمرات الخيانة ..وكمايقول ﻳﻮسف ﺍﻟﺴﺒﺎﻋﻲ في كتابه ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻨﻔﺎﻕ: إن هؤلاء البشر كلاب مسعورة، وأفاع رقط .. فإذا دفعتك مروءتك إلى أن تعطيهم إحساناً فاقذف به إليهم ثم اجر من أمامهم .. أعطهم الفضل وفر منهم .. لا تنتظر حتى مجرد الشكر .. انجُ بنفسك .. واذكر المثل .. اتق شر من أحسنت إليه…!