وداعا “أسد الصحراء”
( أكتب عنك ويعلم الله أننى لم أضع يدى فى يدك أبدا ولم أدخل منزلك ولا مكتبك ولم تربطنى بك أية علاقة سوى علاقة تربطنا بكل المنتمين للجمهورية الإسلامية الموريتانية
أكتب عنك لأن اللحظة تقتضى مع مغالبة الدموع الحديث عنك بما أنت أهل له دون نفاق أورياء أوتملق وقد أصبحت هناك بين يدى ربك علام الغيوب والذى أمرى وأمرك إليه )
الرئيس اعل ولد محمدفال العقيد السابق
هنا يلوح مودعا غير منتظر لرؤية دموع موريتانيين مفجوعين برحيله المفاجئ ظهيرة اليوم الجمعة فى ضواحى تيرس
وضع على كتفه سبعا وستين سنة من عمره ورحل بصمت الصحراء وكأن حنين النوق من حوله لم يستوقفه ليودع حنينا آخر هناك على امتداد الأرض الموريتانية
رحل “أسد الصحراء” كما لقبه رفاق سلاحه أيام كان ضابطا شابا يقتحم اللظى واللهب دفاعا عن السيادة الموريتانية بإقدام وشجاعة ونبل شهدله بها أعداؤه قبل رفاق سلاحه كان شجاعا لايهاب الموت ينفذ حرفيا أوامر قادته ويقود فيالقه بمهنية وكفاءة رجل عربي صحراوي ينتصر أويموت ولا خيار آخر لديه
يملك الفقيد تاريخا صاخبا من العمل العسكري الميداني والامني ويعتبر بعد الرئيس الرمز المرحوم المختار ولد داداه أوسع الرؤساء الموريتانيين ثقافة وأكثرهم شهادات دراسية
شارك فى انقلاب 78 الذى وضع حدا لحرب الصحراء التى عرفته اسدا هصورا لايتراجع ولا تخيفه أهوال الموت وتطاير الأشلاء وانصباغ الافق بالدم والنار
قرابة عقدين من الزمن قضاهما الرحل مديرا للامن ايام ولد الطايع ومن العام 85 إلى أن دالت دولة ولد الطايع
دفعت الاقدار بالرئيس ولد محمدفال الى القصر الرئاسي عامين كاملين رئيسا لفترة انتقالية كانت الأكثر هدوء وأمنا وتميزت بلفتة كريمة وغير مسبوقة للراحل نحو صغار الموظفين الحكوميين الذين يذكرون له جميل زيادة رواتبهم بالنصف فى سابقة لا لاحقة لها
اعل ولد محمدفال رجل معجون بالصرامة والحضور الشخصي والانضباط
ظل وفيا لموريتانيا حتى آخر لحظة فى حياته وذكر له تاريخ العالم كله أنه خرج بهدوء من الرئاسة دون صلف أوغطرسة أوعزة بالإثم وكان بمقدوره أن يرفض تسليم السلطة آنذاك للرئيس سيدى ولد الشيخ عبدالله فاعل يحظى باحترام كبير لدى كل فصائل الجيش والأمن الوطني
يقول العارفون به إنه كان برا بوالديه وأهله وأزيد أنا بأن منزله كان محاصرا بشكل يومي من طرف طلاب الحاجات من الفقراء وعابرى السبيل وكانوا يخرجون من عنده بوجوه مستبشرة غسل بفعل الخير شحوبها وتجاعيدها
ويؤثر عن الراحل أنه ربى ابناءه تربية حسنة وظلت زوجته بعيدة عن المظاهر والمناسبات السياسية فلم ترأس جمعية ولم تشاهد فى وضع مخل أبدا لافى الداخل ولافى الخارج بل كانت مثالا للمرأة المحافظة المقبلة على شأنها
وبغض النظر عن طبيعة علاقة المرحوم اعل بابن عمه محمد ولد عبدالعزيز الرئيس الحالى وسواء كانت جفاء يستبطن صفاء اوالعكس فإن اعل ظل دائما رجلا خلوقا ينتقد السياسات دون ان ينتقد الاشخاص اوينال منهم
يقال الكثير عن علاقة اعل بمنظمات دولية منها لوبيات قريبة من اسرائيل لكن اعل كان يقول دائما إنه لم يقم باية خطوة الا ددفاعا اولا عن موريتانيا واستقرارها وثانيا عن القضايا العادلة وفى مقدمتها القضية الفلسطينية ونحن نصدقه الآن وقد رحل بصمت
اليوم ينام اعل بهدوء تحت ثرى دافع عنها بالرصاص لابالعنتريات واحبها حد العودة استنباعا لشذاها الندي الطاهر فى عناق وفي خالد
رحم الله اعل ولد محمدفال وغفر له وتجاوز عنه ويقينى ان كل الموريتانيين سيترحمون عليه ملوحين بجميل الصفح عن رجل ربما شغل وظائف تقتضى طبيعة اوامر مرؤسيه فيها أن يستخدم القوة والصرامة أحيانا وفى استخدامهما قد يستثار غبار ظلم هنا اوتعد هناك لكن بعض ا لامور فى اوقات عصيبة واستثنائية مع حاجتها للصرامة والقوة تتعلق أولا بمصدر الامر لابمنفذه عفى الله عن الآمر والمأمور
ولتجد اسرة الرئيس البطل اعل خالص العزاء وعزاء فيه لكل الموريتانيين اينما كانوا
نم بهدوء وسكينة كما رحلت سيادة الرئيس
عن صفحة حبيب الله أحمد