رأي صوت الشــرق| الخــــيوط الواهيــــــة
لا تنظرونا نحدثكم عن خيوط الفجر، الخيط الأبيض و الخيط الأسود. و لن نؤنسكم عن خيوط العنكبوت و لا خيوط المياه المتدفقة من سفوح اظهــــر النعمة علي الأودية العطشى.
حديثنا يتناول خيط أو خيـــوط إعلامنــا. و ليس كل إعلامنا. لأن بعض إعلامنــا إما لأن خيوطه قصيرة و إمـــا لأن لا خيوط له أصــلا. فمن بيــن إعلامنــا ذي الخيوط الطويلة قنواتنا الفضائية ، أي الإعلام الموجه. و بعبارة أخرى القنوات المتحكمة في أخبارنا.
إن قوة الإعــلام تكمن في مواكبة السبق الإخباري و المهنية و الحرفية و التجديد و حداثة البرامج الإخبارية، و تنسيقها و تقريبها من حاجيات المتلقي (سمعية كانت أو بصرية) . وهو ما يعني بالنسبة لنا أن النبأ يظل ذي قيمــة لمدة يوم أو بعض يوم و هو أكبر مدة يتحملها المتلقي، قبل أن يصير الخبــــر أو النبأ من الماضي وغير ذلك يكون أقرب منه للإزعاج والملل. كما العسل يصير مر المذاق إذا داوم شاربه تناوله، كذا يصير التكرار و التشبث بنفس النبأ و الأخبار سيمــا إذا استمر الخوض فيه أسابيع فأكثر.
ولقــــد بعثت فضائيا تنا فينـــا روح الملل من برامجها و خاصــة إذا ما تعلق الأمر بنشاط حكومي معيــن. و ها هو يتمسك بخيط واحد. خيطــا طويلا… منذ أكثــــر من أسبوعين. و قد يطول أشهرا ثلاثة أو ستة و ربمـــا سنة كاملة…حتي يجدّ خيط آخر يقلب الموازين و يوقظ إعلاميينا من النومة المغناطيسية التي أخذتهم عام انعقاد القمة العربية تحت خيمــة الضيافة الموريتــــانية الأصيـــلة…
خطابات أبي الغيط و نبيل . و عمر ، و عمير، و نقير ، و أبي الهــول، و أبي الحروف، والثور الأسود و الثور الأبيض، و الحمام الزاجل، و واحد القرن، و ابن ألف رجل، و أشعار أحمد و محمذن ،و محمذا، و محمذو ،وقيس و لبنى، و داهي، و داهو، وألف قمة و قمة،و مقامات أد، و أدي، و هدد و بدد، وأوزار خارجين، وأوزار داخلين، و معترف بالجميل، و جاحد للشهامة الموريتانية و عروبتها،وإبداعات والد و ما ولد، و قفــا للحبيب مـكرّ نضحك، مفــرّ نبكي بين أم التونسي فحمى خيمة فيها صفق صف صف صفق صفقل صفقلل لي لي …. القائمة تطول، و تطول قوام خيوط إخطبوط الموريتانيات… المحترفة جــــدا.
نسينا أن أكبر حدث في تاريخ موريتانيا المعاصر كان إعلان الاستقلال… تحدّث عنه، ثم مضى… ثم جاء تأميم ميفرمــا و لم تتوقف عليه وسائلنــا الإعلامية قدرا من الزمان… ثم العملة الوطنية أي صناعة السيادة الوطنية، ولم تزهق آذاننا شهورا عدة بحدث جلل كهو .ثم انتصارات جيوشنا في حرب الصحراء و لم تدق طبول بطولات الشجعان. ثم الدستور و الحريات، و الحياة المدنـــية، والانتخابات، و طرد السفير الإسرائيلي،و أخيــــرا الانتصار علي الإرهاب. .. أحداث عظيمة في مجملها و ستبقى مسطرة بحروف ذهبية في مجد موريتانيا العزيزة… أحببناها… نتوق لسماعها… نستأنس بالحديث عنها… لا نملها لأنها جاءت و انبرت كأسرع من البرق الخاطف… و قديما قيل:” غلا كل ما ندر”. أو كما قال أحد أدبائنا العظام (الشعر الشعبي):
“الدرج مخلوقت رفّ يغير الدرج قربت فيل
ما يقدر حد إحشلفه و اللّ افلته يوقد فالسيل”
فلنعتز ب( درجتن) إذن، نصونها، نحافظ علي قيمتها المادية و الروحية ، لا نشهرها متبرجــــــة حتي تنبتّ في أيدينا فيستصغرها الآخرون. لا نفقدها بريقها المخبوء…
قمــة انعقدت و أفلت… ككوكب إبراهيم… كنجم أبينــا إبراهيم… كشمس جدنا إبراهيم…عليه الســــــلام.
كان لها أن تنعقد في أي بلد…
في أي زمان …
و تحت أي سقف من الزجاج المذهّب أو القماش المزركش…
و ما كان لها أن تكون أكثر من حدث عابر،
حــلّت رحالها بأرضنا الطيبة و من قبلــها حلّ بنـــا ما هو أغلى و أنفس…الفتح العربي الإسلامي لإفريقيـــا شمال و جنوب الصحـــراء.
فعلى ماذا إذا يســــــيّر إعلامنا علي شاكلة الأعمى الذي فتح عينيه علي فأرة فخالهـا فيـــلا؟
لماذا تلتصـــــــق فضائياتنا بخيــــط واحد…طال ذكره و تمدد…
إلي أن بات أوهـــن من خيــــط العنكبوت؟
التحرير