من آمنة الباسيكناوية إلى فخامة رئيس الجمهورية
سيدي الرئيس لقد مسنا وأهلنا الضر!! ولم نجد حتى الآن من يقف معنا في محنتنا ولا من يخفف ولو يسيرا من ألمنا ومعاناتنا, ولم يبقى لنا إلا أن نتوجه إليك برسارة مفتوحة تسبر حالنا دون تحريف المحرفين وبعيدا عن تزلف الموالين وتطرف المعارضين
سيدي الرئيس لقد كنت وأنا وبناتي الثلاث فاطمة وخديجه ومبروكه وأخوهن الأصغر ابراهيم قبل ليلة العاشر من سبتمبر الجاري نعيش حياة عادية كغيرنا من سكان حينا “حي المفتشية” نسكن في عريش من الخشب ومنزل من الطين بناه لنا زوج ابنتي الأكبر امباركه عام 2006 بعيد وفاة زوجى محمد بسبب إصابته بمرض الكبد وبعد صراع طويل مع المرض دام حولين كاملين, ومنذ ذالك الحين وأنا أعمل أجيرة في منزل براتب ضئيل لايتجاوز 20000 أوقية من العملة القديمة أعيل به أبنائي بالإضافة إلى لقيمات يتصدق بها علينا جراننا جزاهم الله عنا خير جزاء, إلى أن أقيم مخيم انبرة للاجئيل الأزواديين عام 2012 فانتقلنا إليه مع جزء كبير من سكان حينا بل مقاطعتنا عموما ومدينة باسكنو خصوصا, وأقمنا هناك وسجلنا على قوائم اللاجئين وهم في الحقيقة أحسن منا حالا أدام الله عليهم نعمه, وبقينا هناك إلى أن وضعنا بين جيارين أحلاهما مر إما الإحصاء كلاجئين والحرمان من الجنسية الموريتانية وإلى الأبد, أو الإحصاء كمواطنين والحرمان من المساعدات المقدمة من المنظمات الدولية, فاخترنا الخيار الأخير وعدنا إلى المدينة لنبدأ من جديد, فعملت فاطمة وخديجة أجيرات في المنازل براتب قدره 15000 أوقية قديمة لكل منها وعمل ابني محمد أجيرا على عربة وحمار براتب قدره 10000 أوقية قديمة دائما وبقيت أنا وابنتي مبروكه نعتني بالمنزل ونبيع الطعام أيام الأسواق وأما الدراسة فترف بالنسبة لهم ولم يعرفو لها طريقا, وبقينا هكذا إلى أن قررنا العام الماضي إضافة بيت آخر إلى بيتنا وليتنا لم نفعل; فترمدنا فيه كلما نملك وليتنا لم نفعل; ولازالت تلحقنا منه ديون, لكن قدر الله وما شاء فعل والحمد لله لم تكن أعظم.
سيدي الرئيس هذ قبل العاشر من سبتمبر وأما ما بعده فمعاناة أخري ولها حكايات أخر, إذ فتحت أبواب السماء مساء التاسع من سبتمبر بماء منهمر وفي ساعة الصفر من ليلة العاشر من سبتمبر تفجرت الأرض عيونا والتقى الماء علي أمر قد قدر فحسبناها للوهلة الأولي سحابة صيف ستعبر, لكننا أسأنا التقدير ولم نحسن الظن إذ صارا حيي المفتشية والبيطرة بين عشية وضحاها أثرا بعد عين, ففر بجلده من استطاع الفرار وفي اليوم الموالى تطوع بعض الشباب لإجلاء العالقين “ونحن منهم” في المياه التي تقارب المتر قوق الأرض بممتلكاتهم المادية وقواهم البدنية ودعم نزر من بعض المنظمات الدولة العاملة هنا ولم تحرك السلطات الإدارية والأمنية ساكنا سوى أمر بجمعهم في حضيرة “كالأغنام” خارج الماء وباتوا ليلتهم تلك يفترشون الأرض في العراء وتحت وقع المطر بلاطعام ولاشراب, وبعد تلك الليلة الليلاء وفشل محاولات أقطاب حزب الاتحاد استغلال البلاء, قامت بعض المنظمات الدولية العاملة هنا بارسال وفود لاكتتاب المتضررين لكنهم خانو الأمانة وما رعوها حق رعايتها وكتبو الناس على معايير تخصهم وهي الزبونية والمحسوبة والشرائحية, وقسموا سلات زهيدة لاتسمن ولاتغني من جوع ولم تشمل المتضررين الذين لازال جلهم حتى الآن وأنا منهم وفي اليوم العاشر بعد الكارثة بلا مأوي, ثم جاء الوزير وقطع الحبل في فم البعير وأطلق باسم الدولة وعود لم ينفذ منها ولاقطمير ولم يستفد منها المتضررون سوى أنها قطعت أرزاقهم ومنعت الخيررين من مد يد العون لهم ومساعدتهم , ولم تعد المياه للمدينة إلا بعد ثلاثة أيام من وقوع الكارة كما لم تعد الكهرباء هي الأخري إلا بعد ذالك بيومين وعلى استحياء
سيدي الرئيس صحيح أن الدولة قامت يوم أمس اليوم التاسع بعد الكارثة بتوزيع بعض الخيم لكنها قسمت على سجلات كتبت على معايير تخص من كتابها وهي القبلية والمحسوبية والزبونية والشرائحية والطائفية حتى ولم تشمل جل سكان الحيين الممسوحين عن وجه البسيطة “المفتشية والبيطره” وأنا واحدة من سكانهم ولازلت حتي الآن وبعد عشرة أيام من الكارثة أرتدي الثوب الذي كنت أرتدي ساعة الكارثة, فقد ضاع منا كلما نملك حتي ثيابنا وأوراقنا الثبوتية ولم نسجل حتى الآن لاعند الدولة ولا المنظمات الخيرية ولا الدولية العاملة هنا, ومن هذ المنبر أناشدكم بالله أن تتحملوا مسؤولياتكم إتجاهنا وأن تنتشلونا من هذ القاع وأن تنقذوننا من هذ التيه والضياع, وهي حكاية واحدة لمئات الأسر بل هنا من هم أقل منا حيلة وأسوأ حالا.