ما هو انطباع الناس عن الانقلاب في غينيا؟

انقسم الناس داخل غينيا وأفريقيا والعالم حول الانقلاب في غينيا إلى شرائح مختلفة، بين مؤيد للانقلاب مطلقاً، ورافض له كلياً، ومُتحفّظٍ شديدٍ.

سأعرض لكم طبيعة هذه الشرائح – حسب رأيي المتواضع – …

1- الشريحة الأولى/ المؤيدون للانقلاب في غينيا:

هناك شريحة كبيرة في غينيا وأفريقيا أيّدت انقلاب غينيا يوم 5 سبتمبر 2021م والذي انتهى باعتقال الرئيس وحجزه، يتقدمهم أنصار زعيم المعارضة الغينية الحاج سيلو دالين جالو 69 عاماً، وزعيم المعارضة نفسه، حيث ترجم فرحته بالانقلاب مع استغرابٍ شديدٍ منه.

قال في حديث لوكالة “رويترز”، يوم الثلاثاء الماضي: “سنرسل مندوبين… للمشاركة في العملية لإعادة البلاد إلى النظام الدستوري”، معرباً عن “استغرابه إزاء إطاحة العسكريين بكوندي، الذي أمطر الجيش بالأموال”، على حد تعبيره. مؤكداً أنه من الضروري إقامة “عملية انتقالية تؤدي إلى تنظيم انتخابات حرة ونزيهة، وتشغيل المؤسسات الديمقراطية الشرعية”.

وقد كانت المعارضة الغينية في خلافات دستورية شديدة مع الرئيس المخلوع، أدّت إلى اعتقال أنصار زعيم المعارضة الحاج سيلو دالين جالو، مرشح حزب “اتحاد القوى الديمقراطية الغينية”.

وشهدت غينيا اضطرابات شديدة منذ الانتخابات التي جرت في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2020م وسط توتر حول ترشح الرئيس ألفا كوندي لولاية ثالثة، واعتقل الجيش بأوامر من الرئيس المخلوع مئات من أنصار المعارض، وقتل بعضهم برصاص الحي، إثر مظاهرات عديدة في العاصمة كوناكري وغيرها من المدن الغينية، قبل وبعد إعلان فوز الرئيس المخلوع.

فمن حق المعارضة أن تؤيد هذا الانقلاب؛ لأن الرئيس الذي كان يحارب الديكتاورية تحوّل إلى ديكتاتوري، يمارس القمع ضد معارضيه، عدل الدستور لولاية ثالثة الذي هو ديدن الديكتاتوريين في أفريقيا.

إضافة إلى ذلك، لم يتمكّن الرئيس ألفا من محاربة الفساد والفقر في غينيا، ولم يتمكن من تطوير البلد، كما كان يتغنى له عندما كان معارضا شرشا للرؤساء السابقين لغينيا.

ففرحة المعارضة فرحة طبيعية وإن كانت تعرف يقينا أن الانقلاب على الرئيس في هذه الفترة بالتحديد تم بأوامر خارجية، ليس رغبة غينية بامتياز.

وينبغي تذكير أنصار زعيم المعارضة هنا أنه ليس في منأى كلياً عن دسكة الفساد في غينيا، والتي يتهم بها المعارضة حكام غينيا السابقين؛ لأن زعيم المعارضة الحاج سيلو دالين جالو شارك في حكومات السابقة التي اتهمت بالفساد الضخم والكبير.

ففي عام 1996 كان إلحاح سيلو دالين جالو عضوا في الحكومة الغينية، وتولى وزارة النقل والاتصالات والسياحة، وتقلّد بعد ذلك حقائب حكومية من بينها وزارات التجهيز والنقل والأشغال العمومية والصيد، ثم عُين رئيسا للوزراء بين عام 2004 -2006 وأقيل بعد سنتين”.

ثم تفرغ لقيادة حزبه، حزب “اتحاد القوى الديمقراطية في غينيا”، وهو حزب ليبرالي، وأكبر أحزاب المعارضة في غينيا، وخسر في انتخابات الرئاسة أمام ألفا كوندي 3 مرات، في 2010 و2015 و2020م.

ويرى البعض أن فترة رئاسة زعيم المعارضة للحكومة -،وهو صحيح حسب معظم المصادر قام ” بمجموعة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية، وأطلق حوارا سياسيا واجتماعيا للتخفيف من حالة الاحتقان التي كانت سائدة قبل توليه للمنصب، كما منح تراخيص للإذاعات الحرة في البلاد، ووضع برنامجا اقتصاديا للمساهمة في وقف تدهور عملة البلاد وارتفاع الأسعار”.

ومبررات بعض الذين يؤيدون الانقلاب في غينيا، داخل غينيا وخارجها هي:

أ – أن الرئيس ألفا كوندي المخلوع ديكتاتوري قمعي تسلطي عنصري، والدليل على ديكتاتوريته تعديل الدستور لولاية ثالثة، وقمع المعارضة بشدّة، وفتل بعضهم، واعتقال مئات منهم.

ب – فشل رئيس المخلوع في تطوير غينيا، فشل في بناء البنية التحية، لا توجد طرقات جيدة، وفشل في حل مشكلة الكهرباء، والغلاء، بينما حكم غينيا 11سنة، من عام 2010 إلى 2021م.

ج – فشل الرئيس المخلوع في محاربة الفساد والرشوة والمحسوبية حيث، وُصف حسب بعض المصادر أن الفساد بلغ ذروته في ظل حكمه.

هذه رؤية بعض العوام والخاصة في غينيا وخارجها، الذين يؤيدون الانقلاب بشكل العام.

2- المعارضون للانقلاب في غينيا ؟

هناك شريحة كبيرة أيضاً داخل غينيا وخارجها ضد الانقلاب في غينيا كلياً، يتقدمهم أنصار الرئيس المخلوع، وهو شيء طبيعي؛ لأنه رئيس حزبهم، حزب “تجمع الشعب الغيني”، يرون أنه رجل وطني ثوري أفريقي، لا يقبل املاءات الغربيين المستعمرين، حاول فتح باب غينيا لقوى كبرى لتنمية غينيا وبنائها وتطويرها.

وأنه ضحى بحياته لخدمة غينيا حيث كان “من أشد المعارضين لكل الحكومات الغينية منذ استقلال الدولة عن فرنسا في 1958، حُكِم عليه بالإعدام في عهد الرئيس أحمد سيكو توري (1958 – 1984م) ولم يُنفذ الحكم، كما سُجن كوندي لأكثر من سنتين في عهد الجنرال لانسانا كونتي الرئيس السابق (1984 – 2008 م)”.

فيرونه رئيساً بنافريقانيا مخلصا لغينيا وأفريقيا.

– ومن الذين يرفضون هذا الانقلاب في غينيا أيضاً المتابعون الأفارقة المتشائمون من الانقلابات في إفريقيا، حيث يذهب رئيس ويأت أسوأ منه، ويعود الشعب الى نقطة الصفر، وأننا في أفريقيا نحسن طرد الرؤساء والانقلاب عليهم لكننا لا نحسن اختيار بدائل المناسبة، ولم يأت الانقلاب بخير في إفريقيا إلاّ قليلاً.

3- المتحفّظون على الانقلاب في غينيا/
كثير من المدققين والمهتمين بالشأن الأفريقي بعامّة والغيني بعامّة ليسوا متفائلين من الانقلاب في غينيا، يرونه مخطط غربي لتركيع غينيا، خطط له خارج أفريقيا، لأهداف اقتصادية استعمارية نهبوية، والخاسر الوحيد فيه هو الشعب الغيني معارضةً ومولاةً.

يرون أن الانقلاب طبخة جاهزة من أعداء أفريقيا وغينيا معا، بتنفيذ أحد الضباط الغينيين، وسببه مواقف الأخيرة الرئيس الغيني المخلوع، المتمثل في الاقتراب إلى قوى كبرى لبناء غينيا الحديثة.

والفئة التي سترأس غينيا بعد الرئيس المخلوع ستكون مجرد دُمَى بيد مخططي الانقلاب؛ ليستمر نهب خيرات غينيا إلى خارج أفريقيا، ويستمر الفقر والغلاء في غينيا حيث لا كهرباء كافية ولا الطرقات الجيدة في دولة أغنى من كوريا الجنوبية واليابان وفرنسا معاً، تعيش على جبال من الذهب والماس وغيرهما.

يتبع…

محمد الأمين سوادغو كاتب، وداعية من بوركينا فاسو

11سبتمبر 2021

اترك تعليقاً