وزير سابق يكتب عن فساد التعليم في الحوض الشرقي
إسلكو ولد أحمد ازيد بيه يكتب المعضلة التربوية
لايليق بولاية كبيرة مثل ولاية الحوض الشرقي أن يظل تلاميذها “ينجحون” -في الامتحانات الوطنية- بمعدلات يرسب الحاصلون عليها في ولايات الوطن الأخرى. فالإجراء غير عادل ومهين ويكرس تفاوتا معرفيا يدمر ثقة “الناجحين-الراسبين” في قدرتهم على النجاح باستحقاق وجدارة في المراحل اللاحقة من مشوارهم الدراسي وحتى بعده…
لا أعرف من هو “المسؤول” الذي سنّ لأول مرة هذه البدعة التربوية التي ترقى إلى غش رسمي وتشجيع ضمني للتساهل المهني والرداءة الفكرية.
فالتلاميذ في الحوض الشرقي لا ينجحون بالنسبة المطلوبة لأنهم، وبكل بساطة، لا يدرسون : المعلم غائب في الغالب وعند حضوره قد ينشغل بنشاطات “جانبية”، الموارد اللوجستية غير ملائمة ودور الأسرة والمجتمع ناقص بشكل لافت. فكيف لتلميذ لم يتلق -معدلا- إلا حوالي 25% من المقرر السنوي، خلال كل سنوات المرحلة الابتدائية أن ينجح في مسابقة دخول المرحلة الإعدائية؟ ولماذا يسمح له بالمشاركة أصلا في هذه المسابقة إذا هو لم ينجز أكثر من 90% من مفردات البرنامج؟
وكيف له إذا “نُجِّحَ” (جُنِّح) أن يتجاوز هذه المرحلة؟ فالعجز في تحصيله التربوي سيتزايد ويتفاقم، لأن هذا التحصيل، كالبناية، يحتاج إلى أسس صلبة ولبنات تراكمية (مهارات) وأعمدة داعمة. وكيف لطائرة عبأت خزاناتها بعجز كبير أن تكمل رحلتها بأمان، خاصة إذا كانت محجوزة بالكامل والكراسي مفقودة والمشرفات في عطلة والمسافة طويلة جدا؟…
من الأفضل لساكنة الحوض الشرقي وللوطن ككل، والظروف هذه، القبول بمعدل نجاح متواضع وحقيقي مثل 10% أو أقل، على أن يشكل نقطة انطلاق لدراسة جدية للمبررات الموضوعية لهذا الإخفاق الجماعي واضطلاع الجهات الوطنية والجهوية والأهلية بمسؤولياتها المادية والأخلاقية كاملة في سبيل الحد منه تدريجيا إلى غاية القضاء عليه نهائيا ؛ فلو تم تخصيص موارد بشرية ولوجستية وتوعوية تلائم الوضعية الجغرافية والديمغرافية الخاصة بهذه الولاية النائية، لنجح أبناؤها بنسب ومعدلات زملائهم في باقي جهات الوطن.
آمل أن يتم إلغاء هذا الإجراء السلبي مستقبلا، لكي تستعيد العلامة والنجاح مدلولهما الوطني والكوني ؛ فالإبقاء عليه يشكل خطرا ليس على أجيال ولاية الحوض الشرقي فحسب، بل وعلى منظومتنا التربوية برمتها.
وطبعا، كخريج مدرسة آمرج وإعدادية النعمه، أنا مستعد تماما للمساهمة بتواضع في التفكير لإيجاد حل تدريجي وناجع لهذه المعضلة التربوية.