مأزق الانتخابات الرئاسية في تشاد
مأزق الانتخابات الرئاسية في تشاد
محمد تورشين
كاتب وباحث في الشؤون الأفريقية
تعيش العاصمة التشادية انجمينا حالة من التوتر والاحتقان بعد مقتل زعيم الحزب الاشتراكي يايا ديلو ، بعد أن اتهمته قوات الأمن القومي بالهجوم عليها ومحاولة اغتيال رئيس المحكمة الدستورية ، فضلا عن اعتقال الجنرال سيلي ديبي إيتنو .
منذ أن تولي محمد إدريس ديبي رئاسة المجلس الانتقالي الحاكم في ابريل 2021 عاشت تشاد حالة من الاضطرابات السياسية والعسكرية حيث نشطت جبهة الوفاق من أجل التغيير بشكل ملحوظ في مساحة واسعة لاسيما في شمال تشاد مستفيدة من تواجدها في ليبيا .
اعتقد بان محمد ديبي تمكن من إيجاد مقاربة مع بعض القوى السياسية المعارضة من خلال اتفاقية الدوحة ومن بعد الحوار الوطني في أغسطس 2022 اعتقد بان من أهم دوافع ومحددات الحوار الوطني الإبقاء على محمد ديبي رئيسا للفترة الانتقالية والسماح له بالترشح في الانتخابات المقبلة في مايو 2023 بعد اعتماد دستور جديد بعد الاستفتاء عليه في ديسمبر 2023 .
اعتقد بان بعد الإعلان عن موعد الانتخابات الرئاسية في مايو المقبل دخلت تشاد في مرحلة صراع محتدم داخل أروقة الأسرة الحاكمة باعتبار أن معظم السياسيين انخرطوا وعملوا في الجبهة الوطنية من أجل الإنقاذ التي وصلت إلى الحكم بانقلاب عسكري ديسمبر 1990مدعوم من نظام عمر البشير . حيث تولى يحيي ديلو مناصب حكومية رفيعة آخرها ممثل تشاد في المجموعة الاقتصادية لدول وسط افريقيا لكن اتهامه لقيادات حكومية رفيعة بما فيهم زوجة الرئيس الراحل أديس ديبي هند اثار حفيظة النظام الحاكم حيث أقيل بعد انتقاداته ، في تقديري بأن هناك عوامل عديدة أسهمت بشكل أو بآخر في توتر الأوضاع الأمنية والسياسية في تشاد ومن أهمها طبيعية النظام السياسي حيث يقوم النظام الحاكم في تشاد على الابعاد الإثنية والقبلية وهو ما أتاح هوامش للمناورة والحراك من قبل بعض القيادات المعارضة للنظام من ذات الإثنية ، هذه الغطاء لم يتوفر للكثير من الشخصيات المعارضة الأخرى التي كان مصيرها السجن أو المنفى ، غياب بعض الفاعلين السياسيين عن المشهد السياسي في فترة الحوار الوطني وبعدها كالجبهة الوطنية من أجل التغيير وربما تعاود استئناف عملياته العسكرية بعد توسع رقعة الاضطرابات الداخلية في العاصمة انجمينا وإمكانية اتساعها لتشمل مناطق اخرى لا سيما في جنوب البلاد الذي يعاني التهميش السياسي طوال حقبة الجبهة الوطنية من أجل الإنقاذ و قبلها كذلك .
الانتخابات الرئاسية المقبلة في مايو هي مسألة مصيرية بالنسبة إلى محمد إدريس ديبي وأنصاره لمزيد من ترسيخ البعد القبلي في الحكم والبحث عن شرعية انتخابية بعيداً عن الشرعية العسكرية التي حصل عليها بعد وفاة والده ، باعتبار أن الفوز في الانتخابات المقبلة يؤطر لفترات طويلة من الحكم لاسيما بأنه شاب لم يتجاوز عمره 40 عاما .
اعتقد بان الابعاد الإقليمية والدولية حاضرة بحيث أن تشاد تقع في موقع فهي همزة وصل بين غرب أفريقيا ووسط افريقيا بين حزام من الدول التي تخضع للنفوذ الروسي كأفريقيا الوسطى والنيجر ومالي وبوركينا فاسو عطفاً عن وجود تيارات في تشاد دعم وتفضل الحضور الروسي على الفرنسي لذا اتوقع ذلك التنافس الدولي على القارة الأفريقية من القوى العظمى سيتم الاعتراف بنتائج الانتخابات الرئاسية ما لم تؤثر على التوازنات في منطقة وسط افريقيا ، واغتيال يحيى ديلو يأتي في هذه السياق بأنه المعارض الوحيد الذي يمكن أن يربك الحسابات ويخلط الأوراق لرئيس المجلس الانتقالي وحلفائه داخلياً وخارجياً يمكن القول بأن المشهد السياسي مهيأ لبداية حقبة جديدة لديبي الابن .