هل تنصف حكومة ولد أجاي أطر ولاته بعد أن غابوا عن مقاعد المجلس الوزارى الأخير؟

حسمت التشكلة الوزارية وغاب أطر مقاطعة ولاته عن أجندة التوزير للمرة الخامسة منذ وصول رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني للسلطة 2019، رغم وجود عدة خيارات مقبولة من مجمل أبناء المنطقة والفاعلين فيها، أصحاب خبرة وتجربة فى مجالات حيوية كالثقافة والشؤون الإسلامية والإدارة والحكم المحلى، كان يمكن الزج بهم دون تأخير فى واجهة معركة التغيير التى أختير الوزير الأول المختار ولد أجاي لقيادتها فى الوقت الراهن.

لايشكل سكان مقاطعة ولاته مجرد أرقام فى خارطة الحوض الشرقى المترامية ، بل قوة انتخابية متجانسة وذات تأثير فعال فى الحياة السياسية بموريتانيا، وهي من المقاطعات التى تصدر فيها الريف صناعة القرار خلال الفترة الأخيرة بدل المدينة، بفعل الحيوية التى ميزت بعض أبنائه، والحضور الطاغى لبعض رموزه فى المشهد العام، مع علاقات وطيدة بالعديد من دوائر صنع القرار، والنظر إلى رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزوانى ، كواحد من الرؤساء القلائل الذين عرفوا المنطقة عن قرب وعايشوا سكانها قبل الوصول للقصر ، وتعرف على مكامن الضعف ونقاط القوة فى ربوع مقاطعة ولاته (الريف والحضر)، قبل أن يحمله طموحه لسدة الحكم ، كرئيس للجمهورية الإسلامية بموريتانيا.

أحال الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني دفة عمادة الإعلام العمومي لأحد أبرز رجال المقاطعة (الدكتور عالى ولد أعلاده) وهو ماكان محل تقدير وإشادة من عدة أطراف قبلية وسياسية وازنة بالمقاطعة، وهو منصب سمح بعقلنة القطاع المذكور (إذاعة الخدمة العمومية) وتسييره وفق رؤية مضبوطة بقواعد الإدارة العامة ونظم المالية المتعارف عليها، مع حضور مدروس فى الساحة عبر شبكة واسعة الانتشار والتأثير ، وتسيير محكم لفضاء البث الممنوح لها فى لحظة سياسية حرجة، تمكن فيها الرجل من تسيير المؤسسة دون ظلم النظام الذى أوصله للمقعد، أو إثارة ضجة من طرف المعارضة الساعية للحضور فى وسائل الإعلام العمومية ، كما كان للأطراف الأخري حضورها الواضح فى المشهد (مراكز البحث وأساتذة الجامعات ونخب الإعلام وروابط المجتمع المدنى)، مع مراعاة الخط العام للمؤسسة.

وفى الجانب الآخر من المقاطعة توقف عداد الإنصاف قبل رصد الجهود المبذولة سياسيا واجتماعيا من طرف ابن ولاته الصاعد فى عالم السياسة الدكتور أحمد ولد علال، الذى خلف وزيرين من مجموعته القبلية فى الحكومة، لكن من بوابة إدارة لم تمنح من الصلاحيات والمال مايكفي لتغيير واقعها المختل، رغم الجهد الذى بذله الرجل من أجل فرض التغيير داخل مؤسسة الأوقاف ونقلها إلى مصاف المؤسسات المحترمة. كما يعد إليه الاعتبار، رغم حرمان مجموعته من الحضور فى المشهد الانتخابى المحلى بقرار من حزب الإنصاف الحاكم، ولم تعوض عن الإبعاد القسرى من واجهة السياسة بحضور فى المشهد الحكومى كما هو المعتاد.

لقد وقف الدكتور أحمد ولد علال وأنصاره إلى جانب خيارات حزب الإنصاف، رغم أنهم كانوا يمتلكون القدرة والرغبة فى قتل خياراته بكل هدوء واطمئنان، لكنها ضريبة الانضباط الحزبى كما يقول بعض أنصار الرجل بمقاطعة ولاته.

لايتوق الدكتور أحمد ولد علال وبعض رفاقه لأكثر من حق يمتلكون كل مقوماته المطلوبة (السياسية والانتخابية والكفاءة اللازمة للتسيير) ، ويعتقدون أن يد الإنصاف بحاجة لتغيير قواعد الإختيار هذه المرة ؛ خصوصا فى ظل العديد من الفرص المتاحة (أمناء عامون بالجملة وبعض المؤسسات العمومية) وهو مايعيد الإعتبار لأبناء المنطقة، ويخفف من وطأة الدعم غير المقدر من قبل دوائر صنع القرار .

فى ولاته ظل تقاسم المناصب السياسية والتنفيذية هو المعمول به من قبل السلطة تجاه قوتين انتخابيتين فى المقاطعة ، لكن منذ خمس سنوات كسرت المعادلة بخروج الوزير أحمد ولد أهل داوود ومفوض الأمن الغذائى دون أن يحضر أي بديل من محيطهما المباشر، رغم أن اللعبة ذاتها ظلت قائمة إلي الآن فى كرو والطينطان وتامشكط وألاك.

فى ولاته توجد قوى شبابية صاعدة، لكنها لاتزال تقاوم ضعف الوسائل وبعد الشقة بينها وبين صانع القرار الأول بموريتانيا.

ففى مايو 2023 خاص الطبيب أكنانه ولد أخيارهم معركة المجلس المحلى ببلدية الباطن الوليدة، مدعوما بقوى قبلية تعتقد أنه الخيار الأمثل فى الوقت الراهن، لكن حزب الإنصاف وترحيل الناخبين حسموا المعركة بفارق لايمثل التباين المعتاد بين قوى السلطة ومناوئيها فى الريف ، وهو ماكشفت عنه حركة النزوح غير المسبوقة من بعض مكاتب البلدية فى الانتحابات الرئاسية الأخيرة، والتى كانت أكبر من الفارق الذى فاز به مرشح حزب الإنصاف.

قبل أسابيع تم تكليف أكنانه ولد أخيارهم بإدارة الحملة الشبابية للمرشح محمد ولد الشيخ الغزوانى فى تامشكط ، وقد أبان عن مستوى عالى من الرزانة والحضور الواعي، والفاعلية ؛ مما مكنه من كسب ثقة كبار الفاعلين فى الساحة المحلية خلال الحملة المحضرة للانتخابات الرئاسية الأخيرة.

لايمتلك الطبيب أكنانه ولد أخيارهم ولد مجرد تعاون بسيط من الدولة الموريتانية ، ولايشغل أي منصب منذ تخرجه، لكنه يقاوم مع ذلك من أجل تغيير قواعد اللعبة المحلية، ولديه مستقبل سياسى زاهر، إذا أدار علاقاته مع النخبة السياسية المحلية بقدر كبير من الهدوء والانضباط.

زهرة شنقيط

اترك تعليقاً