القبيلة هوية وطنية ..والقبلية أطروحة رجعية / بقلم حمادي جامع

لتجاوز إشكال معين لابد من محاولة الغوص فيه و طرحة لنقاش بموضوعية من أجل التوصل للحلول و بلوغ المبتغى 

و من هذا المبدأ حاولت أن أدلي بدلوي في موضوع شائك و متشعب عانينا معه الأمرين إنه موضوع القبلية و لكي نفرق بين القبيلة و القبلية و نزكي الأولى و نحارب الثانية كتبت هذه السطور آملا أن أكون قد أصبت. القبيلة هي جماعة من الناس تنتمي في الغالب إلى نسب واحد يرجع إلى جد أعلى أو اسم حلف قبلي يعتبر بمثابة جد.والشعب الصحراوي في التقسيم الديمغرافي يتكون من مجموع قبائل , بل الانتماء لهاته القبائل هو الذي يحدد الانتماء للشعب (..) من عدمه.

و نفتخر بقبائلنا و أصولها و امتدادها التاريخي, فهذا إن دلّ على شيء إنما يدل على أصالة وعراقة الشعب الصحراوي , و بالحفاظ على القبيلة كوحدة مكونة للشعب (..) فإننا نحافظ على بنيته الديمغرافية المميزة والأصيلة.وعلى المستوى السياسي فإن توحد القبائل (..) في (الدين) التقاليد و العادات (..) و كذلك تموقعها الجغرافي بالإضافة إلى روابط النسب و المصاهرة ناهيك عن إجماعها و التفافها حول إطار سياسي (…) واحد و مختلف عن باقي الشعوب وله كل الحق في السيادة على كامل ترابه الوطني.

أما القبلية فهي تعصب يجعل الإنسان يشعر بالانتماء لقبيلته بنسبة تفوق انتماءه لوطنه و للمصلحة العامة و بذلك يناصر قبيلته ظالمة و مظلومة.وبما أن القبلية نوع من أنواع التعصب فهي قصور عقلي و ذلك لعدم قياس الأمور بطريقة عقلية منطقية بل تجد المتعصبين يبررون كل أفعالهم صحيحة كانت أم خاطئة و يحسمون نتائجها قبل البدء في التفكير أصلا أو المناقشة.

و تكون ممارسة القبلية بأشكال مختلفة منها ما هو :سياسي : و يهدف إلى سيطرة بعض القبائل على السلطة و القرار وتهميش أخرى اجتماعي : يهدف إلا تفضيل قبائل على أخرى تحت إدعاءات الشرف و النسب و الجاه …اقتصادي : يهدف إلا محاولة حصر رؤوس الأموال لدى قبائل دون أخرى ويكون تطبيق القبلية بطرق متعددة منها ما هو :عملي أو فعلي : يتم باحتكار المناصب للأفراد قبيلة دون أخرى و تعبيد الطريق أمام أبناء العمومة بدل اعتماد الكفاءة و الروح الوطنية.معنوي أو لفظي : يتجسد بشن حرب تشويه وتشهير ضد قبيلة أو قبائل و الطعن في أصلها و وطنيتها.و بغض النظر عن أشكالها و طرق تجسيدها يظل هدف القبلية هو إستقواء قبيلة أو مجموعة من القبائل على قبيلة أو مجموعة من القبائل الأخرى و استضعافها و التشهير بها قصد إقصاءها سياسيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا أو في كل ما سبق و جعلها دون وزن ودون تأثير.و غالبا ما يكون الشخص القبلي ضعيفا فكريا و قاصرا عقليا, فإذا كان إطارا فهو يعتمد على قبيلته بدل قدراته ليبقى في منصبه, و إذا كان مواطنا عاديا فهو يحتمي بشعارات زائفة يغطي بها قصوره و فشله من قبيل الشرف و النسب ….وبعدما كانت القبلية تتركز فيما هو سياسي من خلال اعتماد معيار القبيلة بدل الكفاءة ! تطورت القبلية لتأخذ أوجها أخرى مثل البلطجة فأصبحنا نرى عصابات تتنمر و تستأسد تحت مسمى قبيلة معينة.

و أصبحنا نرى البعض يوزع صكوك الوطنية بإهدائها لقبائل و نزعها من أخرى.

و أمسينا نسمع الكثير يمجد قبائل و يجود عليها بالبطولات و الأمجاد و يجرد أخرى من شهداءها و أبطالها ظلما و عدوانا.إن ما وصل إليه الوضع اليوم من بلطجة و استأساد و استحقار و استضعاف بين القبائل و تطاحن و تنافس غير شريف ما هو إلا وليد لفراغ إيديولوجي دقيق يعمل على توعية المواطن (..) بخطورة القبلية و تبعياتها و كذلك غياب الشفافية و المصداقية و اعتماد الكفاءة و المساواة بين كافة أطياف الشعب (..) و كذلك التعلق بتراكمات رجعية ترجح كفة قبيلة على أخرى و الاعتماد على سياسة التوازن القبلي – بتوزيع المناصب بين القبائل – التي أكل عليها الدهر و شرب. بالإضافة إلى حشر أنف المواطن (..) في أمور تافهة تتجلى في قصص و روايات في أزمنة غابرة لا تغني و لا تسمن من جوع مما يجعل المواطن (..) يظل عليلا ناقصا قاصرا يوهم نفسه بالنسب و الجاه و الشرف بدل العمل على تقوية خصائصه و قدراته الشخصية.

ومن هذا فالتنظيم السياسي هو المسئول الأول و كذا المثقف (..) من أجل إيجاد السبل التي ترتقي بالمواطن (..) ليرتفع عن صغائر الأمور و يفتخر بانتمائه لوطنه و يجعل فخره و اعتزازه بنضالات شعبه و انتصاراته و أن يكون صاهرا على وحدة شعبه وتلاحمه و رافضا للتفرقة من أجل بناء دولة (..) قوية قادرة على مجابهة الصعوبات و تحدي الرهانات و المنافسة على المستوى الإقليمي و القاري و الدولي.

المقال للكاتب حمادي جامع (بتصرف)

اترك تعليقاً