نحور رؤية شبابية واعية بأهمية التنمية / محمد ولد دهمد

تعلق الامم والشعوب على قواها الحية وخصوصا الفئة الشابة  منها آمالا عريضة من أجل النهوض بها والسير في ركب الحضارة والتطور والرقي الاقتصادي الاجتماعي والثقافي والتعليمي، نظرا لمحورية  هذه الفئة وفاعلية دورها في العملية التنموية  بشكل عام.

وللشباب دور طلائعي كبير يناط به القيام به بلدنا الحبيب يتجسد في دعم جهود التنمية وتوعية جميع  فئات الشعب والدفع بها للمشاركة بشكل فعال في الاستراتيجيات الاقتصادية والتنموية والجهود الهادفة لتحسين مستوى المعيشة، والحد من مستويات الفقر والهشاشة  والأمية.

وبتحقق هذا الوعي وتكامل الجهود  بين مكونات الشعب وقواه الحية  بتوحيدها  لجهودها وتعاونها المثمر ينطلق قطار تنمية  البلد الى واقع جديد، قوامه  تنمية اقتصادية رائدة ومتكاملة.

وتبوأ الشباب لهذه الأدوار الريادية يتطلب إدارة جادة وعناية كبيرة من السلطات والجهات الإدارية المعنية بهذه الفئة  من خلال رفع قدراتها العلمية والمعرفية وتوفير تكوين مهني متخصص يسهم في تحسين الأداء والرفع من القدرات المعرفية والمهارات المهنية للشباب في شتى مناحي الحياة العلمية والعملية، إضافة إلى فتح الباب أمامهم لخوض تجارب ميدانية  في الإدارة والتيسيير والتصنيع والخدمات.

 وانطلاقا مما سبق وإسقاطا  للبعد النظري على الواقع المحلي  نقترح أن يتم فتح مراكز تأهيلية متخصصة لتأطير نخبة من الشباب الموريتاني  في مجالات التصنيع والبسترة والإدارة بما يسهم في تخريج دفاعات متخصصة  تكون رافدا حيويا  لشركات ل الإنتاج المحلي والمصانع المحلية.

حيث إن هذه المصانع تشكل روافد تنمية محلية حقيقية ، تحتم تكاتف الجهود  ونشر الوعي بدورها في تحقيق  التنمية، فلا تنمية من دون وعي المواطن بأهميتها ومتطلباتها، ولا نتاج لهذه التنمية بدون توظيف الطاقات الشبابية الحية وتكوينها تكوينا عمليا متخصصا  يلبي حاجة هذه المصانع.

ومن هذا الباب واستشرافا لأبعاد التنمية الجهوية واستنادا  إلى ما اطلعنا عليه بشكل مباشر من مشاريع التنمية المحلية بولاية الحوض الشرقي والمتمثلة في جملة من المشاريع الحيوية بالولاية كان أبرزها “الشركة الوطنية لمنتجات الألبان”، والتي سأقتصر عليها هنا بوصفها أهم  قطب اقتصادي وتنموي بالولاية  كلف  إنشائه سبعة مليارات أوقية.

شركة الألبان قطب تنموي واعد وشريك حيوي

سعت شركة الألبان  منذ إنشائها بمقاطعة النعمة إلى خلق قنوات اتصال مباشرة مع المنمين  عبر إنشاء خمسة مراكز لتجميع الألبان  في كل من  ( تمبدغة -النعمة – وركن – الشامية – بنكو)، كما نظمت الشركة حملات تحسيسية في بلديات النعمة العشرة مِن أجل حث المنمين  في الانخراط في التعاونيات الرعوية والزراعية  وخلق أطر ناظمة لهم تمكن الشركة من التعامل مع المنمين  المستفدين والمتواجدين  في أكثر من أربعين قرية.

 وحسب القائمين على إدارة شركة الألبان  فإن فلسفة إنشائها  تنطلق من أبعاد تنموية  واضحة  ومحددة تتمثل توظيف فنيين ويد عاملة محلية إضافة إلى:

 ـ السعي لاشراك المنمين في عملية التنمية

ـ توظيف  قدر معتبر من الشباب  

ـ خلق  فرص للعمل

ـ  العمل على الحد  من مستوى  الفقر بالولاية

ـ  تحقيق الاكتفاء الذاتي من الألبان  بالبلد

ـ  الاستفادة من الثروة الحيوانية  المعتبرة بالولاية

ـ  تحقيق طفرة اقتصادية  نوعية بالولاية

ورغم  حداثة تجربة شركة الألبان بولاية الحوض الشرقي  إلا أنها استطاعت بالفعل أن تبرز كشركة رائدة تنافس بمنتوجها المحلي ( انكادي)  في السوق الموريتانية أكثر المنتجات المستوردة  رواجا  فضلا عن المنتجات  المحلية للشركات المحلية  الأخرى  حيث حقق هذا المنتج وبشهادة أرباب السوق  رواجا معتبرا رغم  الصعوبات التي واجهت إدارة الشركة.

ومع أن الولاية تعتبر أكبر خزان للثورة الحيوانية بالبلد فإن تلبية حاجة المصنع من الألبان شكلت أكبر عائق أمام  زيادة حجم الإنتاج  حيث إن تشت أماكن تواجد ملاك الثروة  والاتساع الجغرافي  للولاية وقفا حاجزين دون  مد المصنع بحاجياته من الألبان.

التنمية المحلية  تحتاج شراكة  فعالة وتعاونا مثمرا

وهذا المشروع والواعد وغيره من المشاريع لن تحقق الآمال التنموية المعقودة عليها  بدون رؤية واضحة  أساسها  تعاون مثمر وأداء فعال ومراكمة للخبرة والتجربة، فعلى الشباب إذا وخصوصا قواه الحية أن يعملوا على التوعية بأهمية ودور مثل هذه المشاريع  التنموية والتواصل المباشر مع المواطنين وتوعيتهم بأهمية شراء ودعم المنتج المحلي.

وعلى الجهات المعنية بدورها وخصوصا إدارة الشركة أن تعمل على إشراك الشباب وفتح الفرص أمام الشباب  لولوج الشركة والعمل في جميع مفاصلها الحيوية وتنظيم لقاءات  دورية معهم لإطلاعهم على طبيعة العمل وشرح وتيرة الإنتاج وكذا خطط الشركة والمصنع الرامية إلى تطويره والاستماع  إلى  جملة المقترحات والتوصيات التي يتقدمون بها في هذا الإطار.

كما أن على  الفاعلين والمنمين  أيضا الانخراط في التعاونيات الرعوية والزراعية  والمشاركة الفاعلة في هذا المشروع الرائد  والعمل على مركزة ثروتهم الحيوانية قرب مراكز تجميع الألبان،  وللتجار أيضا  دور كبير في انجاح المصنع من خلال وضع اسهم في الشركة.

وفي هذا الإطار أيضا  نقترح مجموعة من النقاط التي ستسهم في  النهوض با الشركة والتي تجب مراعتها من الشركة نفسها وكذا الجهات الوصية إضافة إلى الإدارة المحلية :

 – العمل على  توفير العلف  للمنمين وخصوصا في فصل الصيف

–  العمل على تفوير قروض للمنمين  من أجل مساعدتهم في رعاية ثرتهم الحيوانية

–  العلم على   خلق مراكز صحية متخصصة في الثروة الحيوانية  وذالك با التعاون مع الوزارة الوصية “وزارة التنمية  الريفية  “

–  العمل على  فك العزلة عن الأماكن  التي يتواجد بها أكبر  قدر  من الثورة الحيوانية

– زيادة  مراكز لتجميع الألبان بخمسة مراكز على الأقل

ـ العمل على  عدم  نزوح الماشية الى دولة مالي خلال فصل الصيف من خلال: ( تشجيع مصنع الأعلاف بالولاية  ـ انشاء مزارع والاستثمار فيها على غرار مشتلة أنبيكت لحواش ـ  دعم وشراء المنتج المحلي من الأعلاف ـ من شركة الأعلاف با النعمة )

ـ الاستفادة من  الموارد المائية بالولاية  في زراعة الأعلاف وخصوصا بحيرة محمودة  وتوفيرها خلال فصل الصيف.

–  العمل على  توفير الخدمات العامة من ماء وكهرباء وصحة وتعليم  بالمناطق المعزولة  والتي يتواجد بها  قدر معتبر من الثورة الحيوانية، تحقيقا لمبدأ التكامل التنموي بين شركة الألبان والمواطنين .

وعلى المنمين بدورهم العمل على النقاط التالية :

ـ  العمل على توفير حاجيات الشركة من الألبان  خلال العام 

ـ الالتزام بالعقود المبرمة مع الشركة والتعاون معها 

وبهذه الرؤية الشمولية والتكاملية بين الجهات المعنية  وشركة الألبان من جهة  والشباب والمنمين من جهة أخرى  يسهم  المصنع في تحقيق تنمية شاملة تحقق اكتفاء ذاتيا للبلد وتساهم في توظيف العاطلين عن العمل خاصة في صفوف الشباب وتدعم  توطين الكفاءات.

اترك تعليقاً