على رسلكم أيها الصقور/الفقيه إسلم ولد سيدي المصطف
لا يختلف اثنان في أن الوضع السياسي و الأمني، في المنطقة التي ننتمي إليها وضع حرج. و نحن و إن كنا نعد أنفسنا، من أحسنهم و ضعا، و أكثرهم – في تصور الكثير منا- أمنا. لكننا من أشدهم هشاشة قطعا، و أكثرهم قابلية – إن لم يكن للتطاير و الانشطار- فللاضطراب و الهرج و المرج. و المعول عليه في ذلك كله، هو عناية الله سبحانه و تعالى و رحمته ،و لطفه بعباده المؤمنين.
الوضع السياسي عندنا، و المتاح له من الزمن، لا يسمحان –في رأيي- بترك الحبل على الغارب، لفئة الصقور التي يتحكم بعضها في الشأن السياسي، و بعضها في التوجيه الإعلامي.
لا ينبغي أن نواجه ما حصل في مجلس الشيوخ الموقر، بالعبارات النابية، و الاقتراحات العقابية، و التخوين، و الارتشاء و نحو ذلك. فالتاريخ السياسي لهيئة الشيوخ، في أعرق الدول ديمقراطية، يشهد لها بالتميز و التوقير و الاحترام. و التاريخ السياسي و الثقافي الإسلامي يعتبر هيئة الشيوخ، هي أقرب هيئة – من حيث الشكل و التنظيم- لمنظومة “أهل الحل و العقد” التي قصر العلماء عليها صلاحية التصرف في الشأن العام.
فممثلو ثلاث و ثلاثين مقاطعة من هيئة لا تزال دستورية، رئيسها ينوب عن رئيس الجمهورية، يجب أن يعاملوا برفق و لطف، حتى تُحسن قِتلتُهم، و يرحموا في ذَبحهم – إذا كان ذلك لا بد منه- امتثالا لأمره صلى الله عليه وسلم: إذا قتلتم فأحسنوا القتلة، و إذا ذبحتم فأحسنوا الذبح.
و يحسن التذكير هنا- و الذكرى تنفع المؤمنين- بأن النبي صلى الله عليه و سلم، و هو نبي الرحمة، الموصوف بأنه (( بالمؤمنين رءوف رحيم)) أخبره ربه سبحانه و تعالى، على وجه التوجيه و الإرشاد، بقوله (( و لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك)) إلى قوله تعالى: (( و شاورهم في الأمر)).
و قد ثبت عنه عليه الصلاة و السلام في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، الذي أخرجه البخاري، قوله: ( ما بعث الله من نبي، و لا استخلف من خليفة، إلا كانت له بطانتان، بطانة تأمره بالمعروف، و تحضه عليه، و بطانة تأمره بالشر و تحضه عليه، فالمعصوم من عصم الله) و قريب من هذا المعنى قول عائشة رضي الله عنها عند أبي داود أنه عليه الصلاة و السلام قال: ( إذا أراد الله بالأمير خيرا جعل له وزير صدق، إن نسي ذكّره، و إن ذكَر أعانه، و إذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء، إن نسي لم يذكره، و إن ذكر لم يعنه.) و لا يبعد من هذا المعنى قوله تعالى: (( يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يالونكم خبالا ودوا ما عندتم قد بدت البغضاء من أفواههم و ما تخفي صدورهم أكبر)). فما الذي يريده الصقور؟! و أين يذهبون….؟!
و الله ولي التوفيق و هو الهادي إلى سواء الطريق.
نافذة على التاريخ الموريتاني