لو تسنّى لموريتانيا ان تعيد سوريا الى مقعدها في جامعة الدول العربية لفعلت بلا تردد. هذه الجمهورية العربية الإسلامية العريقة التي بفضل مرابطيها صمدت الاندلس، وبفضل مخطوطاتها العريقة احتفظنا بعيون الأحاديث الإسلامية والشعر والأدب، وبفضل عروبة أهلها، احفادِ بني حسان، حافظت على أرقى اللغة وبديع المعاني، لم تَحِد يوما عن دعم قضايا العرب، ولم تنس يوما ان فلسطين هي درة القضايا، ولا يزال لسوريا في قلوب أهلها مكان كبير. وهي اذ تستضيف اليوم القمة العربية بنكباتها وانقساماتها وخيبات ما بقي من نظامها العربي، فإنها لا شك ستحاول قدر المستطاع ان تغير بعض الرياح وتعيد تصويب البوصلة، ولكن هل في يدها حيلة؟
لا يعرف الكثير من العرب، جهلاً او تجاهلاً (على الأرجح جهلاً) موريتانيا، لكن الفلسطينيين يعرفون كيف كان أهلها ينزلون عن بكرة أبيهم الى الشوارع كلما جارت إسرائيل. واللبنانيون الذين كان من بينهم أول من نشر كتابا عبر التاريخ للتعريف بموريتانيا (يوسف مقلد) ولهم فيها شارع كامل لمحالهم، يذكرون لا شك كيف ان أكثر من مليون شخص نزلوا حاملين راية المقاومة الى شوارع نواكشوط حين غزت إسرائيل لبنان في العام 2006. وحين وصل الضغط العربي والدولي على الرئيس الموريتاني السابق معاوية ولد الطايع الى حد دفعه لفتح علاقة مع إسرائيل اعتقادا منه بأنه سيرّد عنه هجمات الغرب حول حقوق الانسان والعبودية وغيرها، سقط لاحقا بانقلاب وبقي في السعودية حيث كان يشارك في جنازة الملك.
تقول تقارير دولية وعربية إن العربي لا يقرأ أكثر من 6 دقائق من الكتب في العالم وأن الغربي يقرأ 30 كتابا، بينما الموريتاني يفضل ان يهديك كل ما يملك على ان يبيعك كتابا من الكتب النادرة. ففي شنقيط مثلا ليس التنافس على المال والثروة، وانما على من يملك أجمل مكتبة وسط الرمال. وهي الكتب التي ينساها أثرياء العرب (باستثناء محاولة إماراتية يتيمة قام بها رجل الاعمال الذي ينقذ الكتب العربية جمعة الماجد) تماما كما يتناسون الكثير مما يجمعهم اليوم.
لا بد من التذكير، إذا، بهذه المعلومات عن البلد الداعم لقضايا العرب، والمنفتح اجتماعيا الى درجة تُهان كل القبيلة لو أهينت امرأة موريتانية، والتي لها شِعرها الخاص المسمى «تبرَع».
لا بد من التذكير بهذا الشعب الطيب والمضياف والحاضن لأقدم مدن التاريخ (مدينة وادان مثلا التي فيها واد للنخيل وواحد للعلم وشارع كان يضم بين حناياه 40 عالما عبر التاريخ)..
لا بد من التذكير بذلك، لوقف السجال الذي اندلع منذ يومين حول موريتانيا، لأن سبب بعض هذا الجدل