وضعت القمة العربية السابعة و العشرون المنعقدة في انواكشوط ، أوزارها بكل ما حققت من نجاحات تحسب للرئيس محمد ولد عبد العزيز ضمن نجاحاته الدبلوماسية علي المستويين الإقليمي و الدولي ، و تحسب كذلك للشعب الموريتاني بكل مشاربه السياسية و العرقية لما تحلى به من روح المواطنة و التضامن و رص الصف باعتبار أن القمة، لئن كان الرئيس صانعها ، إلا أنها صنعة موريتانية بامتياز و ستبقى خالدة في الذاكرة التاريخية الموريتانية ذلك أن الوطن وحده هو الجامع و إليه يرجع الفضل في ما يسطر بين طيات سجلاته من فعال. هذا النجاح أطلق العنان لكل المثقفين و السياسيين و أصحاب الرأي ،و إعلاميين ، و سواد الناس، وطنيين و دوليين ليتناقلوه بالثناء و التمجيد و الامتنان، مبرزين القيمة الحقيقية لموريتانيا و لشعبها و لحكومتها و أصالتها الضاربة جذورها في العروبة… بل ألأهم من ذا كله قدرة موريتانيا و استعداد قيادتها و شعبها علي تنظيم و إنجاح قمـــة عادة ما يتطلب التحضير لها عدة شهور إن لم نقل عاما كاملا، ضف إليه الأمن و الاستقرار الذين يرفل فيهما بلدنا المحبب رغم كل التحديات المتربصة بالعالم شرقه و غربه…
لكن رغما عن هذا النجاح الباهر، تبقى أمور لم يتحدث عنها المتابع الموريتاني ( أو بعضهم علي الأقل) أم أنهم أعرضوا عن الحديث عنها ، و لئن كانت أمورا تستدعي وقوف إعلامنا المتميز عندها و كشف النقاب عنها نظرا لما تحويه من تصرفات خرجت و اقتحمت و داست كل الأعراف الدولية، الشيء الذي كان له أن يخلق أزمة دبلوماسية خطرة بين بلدنا و بلدان أشقاء حطوا الرحال بين ظهرانينا للمشاركة في المناسبة الزكية.
هنا أمران مهمان: ما سر استقبال وزيرنا الأول لبعض أصحاب الجلالة و الرؤساء؟ و إذا ما استقبلهم كيف يجب أن يتصرف معهم؟ و الثابت في الأعراف الدولية أن الرئيس سواء أكان زائرا أم مزورا يستقبله نده، أي رئيس مثله أو صاحب جلالة أو سمو.اللهم إذا طرأت علي رأس الدولة نائبة تحول دون القيام بواجب الاستقبال و الترحيب عند سلم الطائرة الرئاسية أو الملكية وقتئذ يتولى رئيس الوزراء أو الوزير الأول مراسيم الاستقبال مع مراعاة تشريفات معنية و متعارف علي أهمية الالتزام بها حرفيا دون زيادة أو نقصان .
و الذي فاجأنا خلال انعقاد قمتنا العربية في عاصمتنا العربية في بلدنا العربي الذي لم يعاب عليه قط تخطي الأعراف و قلة الأدب ، هو أن وزيرنا الأول استقبل و عانق رؤساء و أمراء وأصحاب جلالة علي مرأى و مسمع من المشاهدين و القنوات الفضائية و الدبلوماسيين …و حتى بحضرة موريتانيين قدموا من موريتانيا الأعماق لم يتصوروا و لم يجل في خلدهم أبدا أن الوزير الأول في موريتانيا يحظى بمكانة لا تقل رفعة عن مكانة رئيس الفقراء والموالاة و المعارضة… قد لا يستغرب المتابع أن يعانق وزيرنا الأول رئيس جمهورية اتشاد هذا الذي لم يقدم موريتانيا بوصفه رئيس دولة و إنما بوصفه رئيس منظومة إقليمية ، ولكن أن يعانق بحفاوة جد شديدة الرئيس السوداني أو أميــر دولة قطر، أو….فإنه لتصرف لم نشهده سوى في أفلام جيمس بوند أو أفلام الزنكلوني و عادل إمام الساخرة…
و الأمر الثاني الذي شمر عن كاحل قلمي كمتابع فضولي هو ضحكات بل قهقهات بعض معالي وزارئنا و أصحاب الشخصيات “السامية جدا جدا في بلاط ولد عبد العزيز” و هم في المواكب الرسمية أو في الاجتماعات و كذا علي المأدبات… إن القسمات الواسعة و الضحكات قد تعبر حقا عن روح الانفتاح علي الغير والترحيب به وإكرام ضيافته. و قد تعتبر من زاوية أخرى نوع من استهجان الضيف وثقل المستضيف أو افتقاره إلي الأدب و محامد الأخلاق. و قديما قيل إن “من أساء الأدب علي الباب ردّ إلي سياسة الدواب”. فهل يرد ولد عبد العزيز من هكذا تخطوا الأعراف فقهقهوا و عانقوا رقابا طويلة، هل سيردهم إلي” سياســة الذئاب”؟ أم أن غمــرة البهجة و السرور تســـنّ إتيان المحظور؟