رأي صوت الشرق| أكلوا الســـمّ… فهل سينجون ؟

لما تولى ولد عبد العزيز رئاسة البلاد بعد الانتخابات الرئاسية ألأخيرة وضع نصب شغله الشاغل خوض حرب لا  هوادة فيها علي ظاهرتين مستشريتين و وخطيرتين ظاهرة الإرهاب و الجريمة ألمنظمة و ظاهرة الفســــاد.

تغلب السيد الــرئيس على الأولى ، حيث استطاعت قواتنا المسلحة و قوات أمننا دحر الحركات المتطرفة و إبعادها كل البعد عن أية سانحة قد تستغلها لتهديد أمننا القومي. و ترجع هذه الغلبــة إلي العناية الفائقة التي أولتها العليا لتسليح الجيش و الأمن بأحدث العتاد و المعدات اللوجستيـــة و في ظرف زمني فاق ذاك  الذي هيئت خلاله  قمـــة انواكشوط 27 للمنظومة العربية.

كما أعطى رئيس البلاد و العباد و الفقراء كل الاعتبار للقضاء نهائيا و إلي ما رجعة له علي ألفساد و لئـــن كانت هذه الظاهرة قد تجذرت في موروثنــا الثقافي المعاصر حتى أصبحت خلقـــا  تلفي و جزء لا يتجزأ من صيرورة حياتنا الاجتماعية. بل إن البعض يعدّها سنــــة للشجاعة و الشهامة و ألحظوة و غير ذلك ينعت المتأنق عن إتيانها بعدم المسئولية،و أنه منفصم ألشخصية و دنيء الأخلاق و المنزلــة.

أجل، لقد خطى ولد عبد ألعزيز بادئ الأمر خطوات متقدمة في  نهج مكافحة الإرهاب و لئن ظلت تلك الخطوات ينقصها بعض الثبات والجدية و الاستمرارية. ففرض علي مختلسين كثر إرجاع أموالا طائلــة إلي خزينــة الدولة.فاستجاب بعض رجالات الأعمال و كبار المسئولين في الأجهزة الحكومية و نجوا بجلودهم من حرّ السجون فيمــا تقاعس البعض الآخر ممن وجهت لهم أصابع الاتهام ، فحوصروا و حبّسوا. و شرذمـــة ثالثة لم يصبها أذى و ما كانوا ليخافوا أو يحزنوا.

و السؤال الذي يطرح نفسه اليوم، و بعد زهاء عقد من إعلان الحرب علي الفساد في موريتانيا ما السرّ الكامن وراء تفشي ظاهرة الفساد رغم ما يردد عن مكافحتها بكل الوسائل و السبل من طرف أعلى سلطــة في ألبلاد أهو العجـــز و الاستسلام لواقع رسخ فينـــا رسوخ شهوتنا للبــــن وحياة البادية ؟ أم لأن الآليات التشريعية  و التنفيذية المتبعة أضعف من التغلب علي الجهاز القبلي و الفئوي ؟ أليس مكافحة الفساد مجرد ابروباغاندا  لتركـــــيع  الخصوم السياسييــــن؟

هذه الأسئلـــــة من بين أخري  و إن كنا لا نملك الإجابة عليها إلا أننــا نتصور مرّ استمرارها و استفحالها في أمور هامــة  نورد منها:الأمر الأول نختزله في  هيمنــة الانتماء القبلي علي الانتماء للوطن و هو ما يعني أن المسئول الموريتاني يتلقــــى تكـــــوينا مدرسيا قبليــــا صرفا بدل  تكوينه في المدرسة الجمهورية التي تقتضي اختزال الفرد و الجماعة و القبيلة فيما هو أعلى و أسمي أي الدولة التي هي الحاضنة الحقيقة للكل ، و التي يجب أن تكون المرآة العاكسة للعـــقد الاجتماعي بين المحكوميـــن  و الحاكميــــن. و الأمر الثاني  الذي نراه هو حداثة عهد الدولة الموريتانية بالحياة المدنيـــة و غياب الروح الجمعوية. و ثالثا غياب  الشفافيـــة في التعيينات التي يجب أن يراعى فيها مبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب ، بدل اتباع مبدأ المكافأة علي الزبونية السياسية أو الروابط القبليــة.و أخيرا الغيا ب التام لمبدأ المكافأة و العقوبة مما يخلق في ذهن المفسدين عدم الخوف من أي تبعــــات علي  تصرفاتهم المقبوحة.

اختلست أموال وأبرمت صفقات خاســرة ،   و أفلست مؤسسات  عموميه و شجعت ألرشاوى و قصّرت مؤسسات حكوميـــة في أدائها و خدمتها للوطن…و قد ينظر إلي هذه الأمور علي أنها قد تقبل التغاضى و السكوت عليها.

لكـــن ما  لم يتصوره المواطن الفضولي يوما هو استغوال المفسدين إلي درجة ازدراد إثني عشر مليـــار ثمـــن الســـم القاتل.

فأين المفـــر ؟…

إن بلادا تأكل جرذانها مائة مـــنّ حديد لا يستغرب إن اختطفت بازيه  فيــــلا.

 

التــــحرير

اترك تعليقاً