الأربعاء السابع عشر أغسطس 2016، حيث كان من المقرر أن يمثل الناشط راس باث أن يمثل أمام محكمة البلدية الرابعة 9:30 وفق الوقت المحدد.
امتلأ الشارع الواقع أمام المحكمة بالمستمعين الأوفياء لبرنامج باث الذي يذاع أسبوعيا على أمواج إذاعة “مالي با أف أم”، حيث لم يعد من الممكن الوصول إلى المحكمة.
جاءوا جميعهم لمؤازرة راس، والمطالبة بالإفراج الفوري عنه، معتبرين محاكمته “غير عادلة، ولا منصفة”.
في شكوى المدعي العام توجد تهم موجهة لراس تتعلق ب”الشتم العام، والتحرش ذي الطابع الجنسي”.
وقبل يوم الاعتقال، كان اسم Bandiougou “بانديوغو” يدور في بعض الأوساط، إثر المشادات الكلامية التي حصلت على الهواء مباشرة بينه، وبين راس، وقد تكون هي السبب المباشر.
وقد لقي التوقيف وأسبابه رفضا كبيرا من طرف المتظاهرين الذين يرون أن الحكومة المالية تريد شيئا آخر، فباث كان في نظرهم الوحيد الذي نشر خيبات رجال الدولة: ساسة، وتجارا، وغيرهم.
وإلى غاية 11:00 لا خبر عن وجود المتهم، وأعداد المتظاهرين في تزايد من مختلف الأرجاء، وفي غضون ذلك لوحظ بعض الشباب يتوجهون نحو المحكمة، ويطلقون الشتائم واللعنات على النظام، حينها بدأت قوات الأمن تطلق القنابل المسيلة للدموع، والمحتجون يطلقون الحجارة.
وقد حصل ذلك، بعدما الرسالة التي بعث بها محامي المتهم إلى المتظاهرين، والتي قال فيها إن “القضية متواصلة”، شيئا فشيئا تفرق المتظاهرون، كان محيط المحكمة يغص بالمحتجين، وقد دعا البعض إلى المقاومة، وقدمت النساء للمؤازرة، وقسمن بعض الغذاء على المتظاهرين الذين بدت عليهم آثار الغاز المسيل للدموع، إثر تعريض حياتهم للخطر أمام قوات حفظ النظام.
وقد أقدم بعض المتظاهرين على النهب، وأضرموا النار في كل شيء، وشمل ذلك السيارات الشخصية، من بينها سيارة للمحامي سيريكي زانا كوني، وتم الاعتداء على الحرس والشرطة، وأزيل باب المحكمة.
جاء تعزيز لقوات الشرطة تمثل في عشر سيارات، بدأ الوضع في الاشتعال، ووقعت ضحايا في صفوف المتظاهرين المدنيين، قتيلان وجرحى.
أغلقت الشوارع، ولم يعد ممكنا الوصول إلى المحكمة، وازدحم الشارع الموصل إلى وسط المدينة بالإطارات المشتعلة، والحجارة، والقمامة…
وأكدت إذاعة “ماليبا أف أم” في برنامج مباشر لها أن لقاء حصل بين المدعي العام لدى محكمة الاستئناف بباماكو ووزير العدل محمدو اسماعيل كوناتي بشأن القضية.
الواعظ والمرشد “بانديوغو” الذي يعتقد أنه السبب في اعتقال راستا، أقسم المتظاهرون على تصفية حسابه، واعتبروا فعله طالما، وأنه أول من يلحق الإهانة براستا وعائلته، داعين إلى أن يلقى “حسابه” على إثر ذلك.
واغتنم المتظاهرون الفرصة لإعادة الحديث عن مكانة الواعظ من بعض المسؤولين الماليين ومن بينهم رئيس الجمعية الوطنية “التحالف من أجل الديمقراطية بمالي” و صفية توري “حزب من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية بمالي” وخديجة كوليبالي “الاتحاد من أجل الجمهورية والديمقراطية”.
ولعل ما يؤرق أذهان المتظاهرين: هل يكون راستا أوقف فعلا وفقط بسبب مشاجرة له مع بانديوغو؟
وفي نهاية المطاف يبقى ضغط المحتجين متواصلا.
آخر رسالة لراستا قبل التوقيف:
“في الوقت الذي أنشر فيه هذه الملاحظات، كان يفترض أن أكون في طريقي نحو إذاعة “ماليبا أف أم”، لكن للأسف أنا في طريقي المعسكر الأول.
فقد قدم عسكريون يبحثون عني، ليقتادوني خارج التوقيت الإداري المعتاد. الوقت الآن يشير إلى الثامنة مساء في باماكو، برنامجكم “الدليل” من المقرر أن يبدأ عادة التاسعة مساء، لن يكون هذا المساء، قد يتأخر، وقد لا يبث أبدا.. الساعات اللاحقة هي التي ستحدد طبيعة ذلك.
في سبيل بناء مالي أفضل، يصغر حجم كل التضحيات. عاشت مالي”.
ترجمة_ زهرة شنقيط