الشرق و الخريف : الكيل بمكيالين

  أفادت مصادر من قرية أمات لعكاريش التابعة لبلدية المبروك في النعمة، و أخرى من قرية الرزام في بلدية لغليق، أن القريتين اجتاحتهما عـــواصف عاتية ليلــة الثلاثاء المنصرم ، أدت لانهيــار عدد كبير من المساكن ( أعرشة) و أن أسرا كثيرة في القريتين المتضررتين بقوا بدون مأوى، ممــا يزيد معانتهم من الفقر و الحرمان حدّة و خطورة. و تفيد المصادر أن المتضررين لم يحصلوا علي أية مساعــدات لا من طرف الحكومــة و لا من طرف المنظمات “الإنسانية”.

 و كنــــا قد نوهنا في بداية الخريف علي الأضــرار الطبيعية الجسيمة  التي لحقت بمدن جكنــي ،و بوصطييلة ،و عدل بكرو، ومؤخرا بقريــة آشميم(عاصمة البلدية ذات المبدأ “الحكومة لا تعارض أبدا) في الحوض الشرقي.و رغم ذلك، لم تحرك الحكومــة و لا المنظمات الوطنية و لا الهيئات الدولية ، و لا أحزابنا المتسيسة ولا الذين “بأيديهم أزمّتنـــا” ســاكنا لإغاثة المدن و المواطنين المتضررين.

هل لأن الشــرق بعيد كل البعد عن مركز القرار و التضامن الإنساني؟ هل لأن الشــرق بلغ مسئوليه  الحضيض و تزييف الحقائق و نكران معاناة مواطنيهم حد العجز   و الطمع و الإستغوال من تبليغ السلطات العليا في البلد بمخلفات الكوارث و الجوع و العرى و الإقصــاء التي تجتاح من حين لآخر بعض المناطق في الشرق الموريتاني؟ أم لأن سكان الشرق ألقت بهم القدرة الربانية  في مناخ ماطــر و بالتالي تأقلموا مع الأعاصير، و الزاوابع، و الزلازل ،و المجاعة ،و الحرارة، و القمّل، و الضفادع… فإذا ليس من داع للتدخل إلي جانبهم و التكفل بمتضررهيم ماديا و عاطفيا ؟

         هرعت السلطــات، و المنظمات و رجالات الأعمال و الهيئات الخيرية و ذوو الفضل و الأناة، و السياسيون ،و الرئيس و ملأه إلي أطــار و عين أهل الطايع في أقل من 48 ساعة لاستجداء السكان إثر كوارث طبيعية ( و حقيقة لا ننكر ذلك و كان تدخلا في محله و محمود) وجنّد ما ينبغي تجنيده لتخفيف الخسائر.  نفهم تحرك الدولة و ترساناتها المختلفة علي أن أطار و عين أهل الطايع يبعدان من انواكشوط أقل من خمسمــائة كيلومــتر و السبل إليهما سالكة. فأمــا جكني، فعدل بكرو، فبوصطيلة ، فآشميم، فأمات لعكارش ، فالرزام ..و كل ما هبّ و دبّ من روح في الشرق،فإنه لا تيأتى الوصول إليه إلا لمــن أبحــر بسفينة نوح عليه الســلام، و إلا لمــن أوتي صـــواع الملك.

اترك تعليقاً