نواكشوط.. التمدد الأفقي السريع وفوضى العمران

كانت نواكشوط في ستينيات القرن الماضي لا تتجاوز مساحتها هكتارا واحدا، لكن مساحتها اليوم باتت تقدر بـ 1200 هكتار، وفق ما أعلنته وزارة الإسكان والعمران والاستصلاح الترابي.

هذا التمدد الأفقي السريع للعاصمة الموريتانية، أصبح مصدر قلق للسلطات، نظرا لتسببه بفوضى عمرانية وضغط كبير على البنى التحية في المدينة التي يسكنها ربع سكان البلد العربي الواقع غربي إفريقيا.

** وضع غير طبيعي

هذا الواقع جعل المدينة “تتمدد بشكل سريع، مع وجود اختلالات كثيرة”، وفق تعبير وزير “الإسكان والعمران والاستصلاح الترابي” أحمد ولد محمد، مشيرا إلى أن هذا الوضع غير طبيعي.

وقال ولد محمد، بمؤتمر صحفي في 7 يوليو/ تموز الماضي، إن نواكشوط تعد أكبر مدينة في المنطقة من حيث المساحة، وفي الوقت عينه من حيث عدد السكان، لافتاً إلى أن الأمر لا يحدث إلا مع وجود “خلل ما”.

وعدّد الوزير أسبابا عدة لهذا “الاختلال العمراني”، لعل أهمها “الافتقار للإطار القانوني والتنظيمي والاستغلال غير المقنن للقطع الأرضية، والتمدد الأفقي للمدينة”، خلافا لغالبية مدن العالم، ما تسبب بضغط كبير على البنى التحتية في المدينة.

وتقول السلطات الموريتانية إن هذا التمدد الأفقي للعاصمة يكلفها موارد مالية هائلة يتم إنفاقها في توفير خدمات الماء والكهرباء والصحة والتعليم.

** انعدام الساحات الخضراء

تكاد نواكشوط تخلو من المناطق الخضراء، إذ لا تتجاوز نسبتها 0,3 بالمئة، وفق معطيات “وزارة الإسكان والعمران والاستصلاح الترابي”.

وتقول السلطات إن غياب المناطق الخضراء في العاصمة يؤثر سلبا على المباني، نظرا إلى العواصف الرملية التي تشهدها المدينة في كثير من الأحيان.

ووفق معطيات “وزارة الإسكان والعمران والاستصلاح الترابي”، فإن 53 بالمئة من المساحة الإجمالية لنواكشوط مناطق رملية أو غير صالحة للبناء.

وصادق مجلس الوزراء خلال اجتماع له يوم 7 يوليو/ تموز الجاري على خطة لمعالجة الإشكالات والعوائق المرتبطة بالتوسع العمراني للعاصمة والحلول المقترحة لها.

** هجرات نحو العاصم

في سبعينيات القرن الماضي، نزح سكان الكثير من القرى والأرياف الموريتانية نحو مدينة نواكشوط، إثر موجات الجفاف التي ضربت أنحاء واسعة من البلاد، وذلك بحثا عن مصدر دخل بعدما فقد كثيرون مواشيهم بفعل سنوات الجفاف.

ونتيجة للهجرات الجماعية، انتشرت أحياء الصفيح والمساكن العشوائية في المدينة، وتفاقمت مظاهر الفقر والعوز بين السكان.

لكن السلطات أشرفت منذ عام 2010 على عمليات تخطيط (إعادة تأهيل) عمراني للأحياء العشوائية، ما ساهم في تنظيم عدد منها، لكن الكثير من تلك الأحياء لا يزال قائما حتى الآن.
وتقول الحكومة إنها تعمل وفق خطة للقضاء على ظاهرة العشوائيات في العاصمة، حتى يحصل المواطن على حقه في السكن اللائق.

ووفق تقديرات حكومية، يبلغ سكان نواكشوط مليون نسمة، أي ربع سكان البلاد الذي يبلغ تعداد سكانه 4 ملايين نسمة.

وتأسست نواكشوط في خمسينيات القرن العشرين، إذ اختيرت عاصمة للدولة، ولم تكن حينها سوى قرية ريفية متواضعة.

ووضع المختار ولد داداه (أول رئيس لموريتانيا) إلى جانب الرئيس الفرنسي حينها شارل ديغول الحجر الأساس للعاصمة في 5 مارس/ آذار 1958، أي قبل سنتين من إعلان استقلال البلاد عن الاستعمار الفرنسي عام 1960.

اترك تعليقاً