إلى المعارضة”المهزومة” وعزيز “المنتصر” / المعلوم أوبك

لنتملك جرأة الاعتراف أن الساحة السياسية في  موريتانيا في  ظل   التعديلات الدستورية المرتقبة قد تشهد  تحولا  جذريا سيكون له  الكثير  من التداعيات في مقدمتها  انتصار النظام  العزيزي  على المعارضة الرسمية  التي  ستدخل  مزيدا  التشرذم السياسي إذا لم تعد  قراءة للواقع من جديد وتعترف بمرارة
أن المشهد السياسي في حالة إعادة الترتيب من جديد ، فموريتانيا ما بعد إحلال التغييرات الدستورية المرتقبة ليست موريتانيا الراهنة ،  فمنطق الواقع المعاش لما بعد التغييرات الدستورية ليس هو المنطق الراهن الآن ..، ومن هنا على شتى القوى المعارضة أن تتعامل مع  المعطيات الجديدة بمنطق مغاير لمرحلة رفع شعار الرحيل ومنطق الخديعة المستمرة لها ، فنحن إزاء وضع مختلف بكل المقاييس عن ما كان وسيكون ما قبل  نهاية 2016 وما بعد 2017 ، فالتغييرات الدستورية إن نالت التصويت فهي إطلاق صفارة انتقال البلد إلى طور مرحلي جديد مغايرا كلية عن ما كان واقعا  منذ 1991 إلى اليوم  ،  فثمة حياة سياسية جديدة بدأت تتشكل  وفق منطق القيادة الراهنة بموريتانيا وعلى ما يبدوا ليس أمام المعارضة “المهزومة ”  سوى سبيلا من سبيلين : بين أن تظل تعيش في وضع الثبات وبقائها تفكر بمنطق الرفض المستمر للواقع الراهن بدون أن تتسلح بالمرونة ، وبين أن تقنع نفسها أن ثمة تغير منعرجي يعيشه النظام ويشهده البلد والمشهد السياسي عموما وتستحدث أدوات قادرة على التكيف مع مستجدات اللحظة الراهنة وتتعامل معها بوعي وحنكة تمكنها من تحقيق أجنداتها والخروج من منطق العاطفة السياسية التي تؤطر ميدان نضالها والتي تخدم خصمها أكثر مما تخدمها بل لا تجني منها سوى مزيدا من الطنعات القاتلة في جسمها الهزيل العاجز عن إلحاق أي هزيمة لعزيز على الأرض ، خصوصا وأن الأطراف المشكلة للنظام  ترى في نفسها مصدرا قادرا على تحديث المجتمع بحكم قدرتهم على ذلك إذ ينظرون لأنفسهم أنهم مؤثرون في العملية السياسية بالبلد  كقيادات سياسية من  عسكريين  وأوتوقراطيين و”ثوار”  ،  فيتطلب المعطى الجديد من الأطراف  المعارضة  آليات  أكثر كفاءة  وفاعلية في  إدارة  التحولات  الراهنة  من خلال  إجراء  مراجعة شاملة  فمتطلبات  الصراع  على صناديق  الاقتراع  مع النظام ليست  هي متطلبات الصراع من أجل  جره للقبول بشروط لإطلاق الحوار ، ومن ثم  فعلى  المعارضة “المهزومة ” العمل  على مراجعة جادة  لمواقفها  حتى يكون بإمكان  فعلها السياسي  أن يكون قادرا على خلق  نصر  مبين  على  نظام  منحته منذ وصوله  للسلطة  الفرص  السانحة للانتصار عليها  بسبب  رهن  مراجعاتها  لأهواء المتحولين  والمهرولين  لأية  قوة  تصل  الحكم  .
وعلى عزيز ” المنتصر ” أن يعي أن الساحة السياسية اليوم تحتاج  لتوازن  تنافسي  مما يتوجب  عليه   دعوة  القوى  المعارضة  التي  غابت  عن الحوار  بعد أن أبان  موقفه  من  المأموريات  لتجاوز  مرحلة الاستقطاب  وفتح صفحة  جديدة  فالمشروعات المجتمعية العملاقة لا تنشأ مكتملة الأركان ومحددة المعالم بل حصيلة حركة تدافع مستمرة بين مختلف القوى الوطنية  ،  فلا توجد جهة مخولة بادعاء الحق في تحديد المشروع المجتمعي  على نحو ما ترغب  أو أن تفرضه على الآخرين دون مشاركتهم   فمن شأن شيوع مناخ المشاركة الشاملة   أن يساعد الجميع على الإسهام برأيه  مما يرأب التصدعات ويحد من التأزم  الذي  لا يخدم موريتانيا .
وبالمقابل  على المعارضة “المهزومة ” أن تتجه إلى تنظيم حوارات بين تشكيلاتها المتنوعة حول  أمهات القضايا  التي  تؤرقها وتعلن نتائجها   كموقف  مشترك  رسمي متوافق  عليه فالتجارب  أثبتت بما لا يدع  مجالا  للشك  أن الحسم  يأتي  من الداخل أولا ، وإذا ما توفرت الإرادة على مستوى  نخب  المعارضة “المهزومة ” فبإمكانها  إنتاج منهج  سياسي  جديد  يجعلها أكثر فاعلية وتحقيقا  لهدفها المنشود في إلحاق  هزيمة مدوية بخصمها اللدود  ، فلا بد للطيف  المعارض ” المهزوم ”  من إعادة  النظر من جديد  للواقع  السياسي وتوصيفه توصيفا دقيقا لمعرفة حجم  التحديات التي  تواجه  نضاله ويضع أجندة  لأولوياته ومعرفة الإمكانات والطاقات التي  ستمكنه من تعزيز  قوته بمستوى يجعل  النظام يقدر حجم  إحداثهم  لتأثير  واقعي عليه ، فلا بد للمعارضة ” المهزومة ”  من أن تستفيد  من اللحظات المتاحة القادرة  والتي  تعتبر نقاط  تحول  أساسية في  مسيرة صراعها من النظام الراهن فلأول  مرة تجد المعارضة  ” المهزومة ” لحظة استثنائية  لا تتكرر كثيرا  بالإمكان الاستفادة  منها  في  مشروعها التغييري  ، بعد أن أثبتت تجربة المقاطعة الميتة مع النظام العزيزي “المنتصر ” أنها ليست  الأسلوب الناجع معه مما يقضي حالة من  المشاركة المناهضة لتمرير أجنداه خاصة وأن جل  المعارك السياسية المرتقبة  حلبة  مواتية لمنازلته والوقوف  في وجه أجنداه الأحادية .

اترك تعليقاً