مسيرات “مليونية”، مهرجانات خطابية، مؤتمرات صحفية، دفاعا عن مأمورية اختزل الوطن فيها… منذ إعادة انتخاب رئيس الجمهورية والمعارضة الراديكالية لا شغل لها سوى رفض المأمورية الثالثة، والتضحية بالغالي والنفيس، بما في ذلك الوطن، دفاعا عن “المادة المحصنة”، عجل بني إسرائيل… حين يؤكد الرئيس، في أكثر من مناسبة، أنه لن يسعى إلى مأمورية ثالثة، فذلك أكبر دليل على سعيه إليها… وحين ينادي بها مواطن في أي مكان من هذا الوطن، فهو ناطق رسمي باسم الرئيس… وحين يقول الرئيس إنه لا يعبر عن وجهة نظره فذلك أكبر دليل على أن الرئيس هو من ألقى الفكرة في روعه… عبئ المناضلون في الصالونات، وطالت الطوابير أمام السفارات، وتعددت الزيارات لبلاد الغال، وأرض اليانكي للضغط على الرئيس حتى لا يترشح لمأمورية ثالثة. أصبحت تلك هي القضية المركزية للمعارضة “الوطنية”.. خمس سنوات في السلطة هذا كل ما نريده، وغيره قابل للنقاش، للعطاء بلا أخذ… وللحصول على السنوات الخمس نحن مستعدون للتحالف مع الشيطان، في ثوب عنصري بائس، أو انفصالي مقيت… هاجس المأمورية الثالثة يؤرق المشايخ، وشبحها يطاردهم كما الزمن في كر الجديدين الذي أبلى عباءتهم السياسية فانشق أسفلها حين نافسوا في المأمورية الأولى، وانشق أعلاها حين قاطعوا المأمورية الثانية، وحفت الأرجل لهاثا خلف المأمورية الثالثة…
كان الرئيس مشغولا بالتنمية، بمكانة الوطن في وطنه الأم، وفي محيطه الإفريقي، يحارب على كل الجبهات.. يحارب الفساد الذي جعلتم منه شرعة ومنهاجا… يحارب الفقر الذي أغناكم… يحارب الإرهاب الذي غزاكم… يحارب فيكم الأنانية والمحسوبية… كان يقاتل من أجل وطن، وتحاربون من أجل مأمورية…
البارحة، في مشهد درامي يليق باللحظات التاريخية كنتم أمام شاشاتكم المسطحة تتصيدونه.. في إشارة عابرة، في عبارة غامضة، في معنى ملتبس… لكنه فاجأكم، صدمكم.. بوضوحه الذي عودكم عليه، وصراحته التي تغيظكم… نظر في عيونكم الزرق ليطلقها مدوية…
لن أكون في يوم منكم يشهد الله والزمن
أنا حلمي بس كلمة أن يظل عندي وطن
لا حروب ولا خراب لا مصايب لا محن
خذوا المناصب والمكاسب لكن خلولي الوطن
—————
من صفحة الأستاذ محمد اسحاق الكنتي على الفيس بوك