182 مليون دولار قيمة التحويلات المالية من موريتانيا إلى حسابات مصرفية خاصة في الخارج

يشكك خبراء البنك الدولي في فعالية المساعدات الدولية التي تقدمها المؤسسة لعدة بلدان فقيرة، لأن الأمر يعتمد بشكل حاسم، حسب هؤلاء على جودة المؤسسات والسياسات في البلدان المعنية.

وغالبًا ما أعرب بعض هؤلاء عن قلقهم من أن المساعدات قد يتم الاستيلاء عليها من قبل النخب الاقتصادية والسياسية، حيث تثير حقيقة أن العديد من البلدان التي تتلقى مساعدات خارجية، لديها مستويات عالية من الفساد، المخاوف من أن تدفق المساعدات ينتهي في جيوب السياسيين الحاكمين وأعوانهم.

في هذا الصدد نشر البنك الدولي، في فبراير من عام 2020، دراسة، قام فيها بمقارنة بين المعلومات الفصلية حول مدفوعات المساعدات من البنك الدولي (WB)، والودائع الأجنبية من بنك التسويات الدولية (BIS)، وتغطي مجموعة البيانات هذه جميع المدفوعات التي قام بها البنك الدولي لتمويل مشاريع التنمية وتقديم دعم الموازنة العامة في البلدان المتعاملة معه، كما تغطي مجموعة البيانات الودائع المملوكة للأجانب في جميع المراكز المالية المهمة، سواء تعلق الأمر بالملاذات الآمنة؛ مثل سويسرا ولوكسمبورغ وجزر كايمان وسنغافورة التي يؤكد إطارها القانوني على السرية وحماية الأصول، أو غير الملاذات مثل ألمانيا وفرنسا والسويد.

وأثبتت الدراسة، التي شملت 22 دولة تعتمد على المساعدات في العالم (خاصة من البنك الدولي)، أن تدفق المساعدات على هذه الدول، يتزامن مع زيادات كبيرة في قيمة الودائع المصرفية في الملاذات. فمثلا حين يتلقى بلد مساعدة تعادل 1٪ من ناتجه المحلي الإجمالي، تزداد ودائعه في الملاذات بنسبة 3.4٪ مقارنة بالدولة التي لا تتلقى أي مساعدات، على النقيض من ذلك، لا توجد زيادة في الودائع المحتفظ بها في غير الملاذات.

وأشارت الدراسة إلى أن التفسير الوحيد الكامن وراء استخلاص هذه النتائج؛ هو أن المساعدات الدولية يتم تحويل بعضها أو كلها، إلى حسابات خاصة في الملاذات.

وكانت موريتانيا من بين الدول ال22 التي شملتها الدراسة، إلى جانب كل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وأظهرت معطيات الدراسة، فيما يتعلق بموريتانيا، عن تحويلات مالية بقيمة 182 مليون دولار  (أكثر من 66 مليار أوقية قديمة)، منها 150 مليون دولار  تم وضعها فى حسابات مصرفية في بلدان لا تعتبر ملاذات، و32 مليون دولار تم تحويلها إلى حسابات فى ملاذات آمنة.  

فاقت الحويلات المالية الموريتانية، تحويلات كل من النيجر ومالي وبوركينا فاسو، حيث لم تتجاوز 108 ملايين دولار، 160 مليون دولار، و120 مليون دولار، على التوالي في مجملها.

تجدر الإشارة هنا إلى أن مستشارا سابقا لوزير العدل الموريتاني، قد تحدث قبل فترة قصيرة، عن اطلاعه على وثيقة في مكتب الوزير تبين تهريب مسؤولين لملايين الدولارات خارج البلاد، وردت الوزارة بالقول أن الوثيقة تتعلق بقضية بت فيها القضاء سابقا

وقد غطت هذه الدراسة المساعدات المقدمة إلى هذه الدول فى الفترة من 1990 إلى 2010، اللافت في الأمر أن البنك الدولي قال حين صدور هذه الدراسة، إنه لم يتخذ قرارًا نهائيًا بشأنها، وأن لديه شكوك مشروعة بشأن استنتاجاتها.

هذه الدراسة كانت تحت عنوان: “استيلاء النخب على المساعدات الأجنبية : شواهد من الحسابات المصرفية في الخارج”، وقد أعدها ثلاثة باحثين من خبراء البنك الدولي، هم جورج جويل أندرسون Jorgen Juel Andersen، ونييلس جوهانسن، Niels Johannsen، وروب ريجكرز Bob Rijkers.

اترك تعليقاً