خبير: موريتانيا مؤهلة للوساطة بأزمة “إيكواس” ومالي

رأى الخبير الموريتاني المختص في الشؤون الإفريقية، محفوظ ولد السالك، أن نواكشوط تمتلك العديد من الأوراق التي تجعلها قادرة على الوساطة في الأزمة المتفاقمة بين المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس” ودولة مالي.

وقال ولد السالك في مقابلة مع الأناضول، إن موريتانيا بصفتها بلدا عضوا سابقا في “إيكواس” (تضم 15 دولة في غرب إفريقيا بما فيها مالي)، وموقعها الحالي كدولة عضو في دول الخمس بالساحل، والتي تضم مالي، يجعلها أكثر أهلية من غيرها للعب دور الوساطة في هذه الأزمة.

​​​​​​​ومجموعة دول الساحل، تجمع إقليمي للتنسيق والتعاون تأسس عام 2014، بهدف مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية، وحشد تمويلات واستقطاب استثمار أجنبي للنهوض بأعضائه، وتضم كلا من موريتانيا وبوركينا فاسو ومالي وتشاد والنيجر.

ولفت الخبير إلى أن نواكشوط سبق أن أدارت وساطةً ناجحة بين غامبيا و”إيكواس”، بعد أن كانت الأخيرة على وشك التدخل عسكريا في البلاد ضد الرئيس السابق يحيى جامي، الرافض حينها الاعتراف بنتائج الانتخابات، التي فاز فيها الرئيس الحالي آدما بارو.

وأضاف: “بالتالي يمكن لموريتانيا أن تتوسط في الأزمة (في مالي) إن أرادت ذلك، وستكون فرصة نجاحها في الحل كبيرة”.

وقبل أيام، فرضت “إيكواس” عقوبات على السلطة الانتقالية في مالي، واستدعت الدول الأعضاء سفراءها في باماكو، على خلفية تقديم مالي مقترحا لتمديد الفترة الانتقالية، معتبرة أن “السلطة الانتقالية في مالي تسعى إلى أخذ الشعب المالي رهينة، وأنها غير شرعية”.

ومن ضمن العقوبات “إغلاق حدود بلدان المجموعة مع دولة مالي وتجميد أرصدتها لدى المصارف ومنع التحويلات البنكية، وسحب كافة الدبلوماسيين من باماكو، وإلغاء كافة أشكال التعاون معها، كذلك المساعدات المالية باستثناء الأدوية والمواد الغذائية”.

** قلق من فوضى جديدة

وحذر الباحث المختص في الشؤون الإفريقية من أن “استحكام الأزمة في مالي قد يجر المنطقة إلى فوضى جديدة متعددة الأوجه، ما لم يتم تطويق الأزمة، وإيجاد مخرج منها”.

وأضاف: “الحل الآن واضح، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أشار إلى ذلك، حينما ربط بين تقديم الحكومة المالية جدولا انتخابيا مقبولا، وبين التخفيف التدريجي للعقوبات”.

وأكمل: “وبالتالي فإن الكرة الآن في مرمى عسكريي باماكو، إن هم أرادوا المخرج من هذه الأزمة، أما إذا أرادوا التصلب على الموقف دون احتساب ما سيترتب على ذلك فإنهم سيواصلون في التصعيد”.

وفي 2 يناير/كانون الثاني الجاري، اقترحت السلطة الانقلابية في مالي، فترة انتقالية مدتها 5 سنوات، لتأسيس أجواء مناسبة لإجراء انتخابات في البلاد.

ويدور جدل منذ شهور بين حكومة مالي و”إيكواس”، التي تطالب إلى جانب المجتمع الدولي، بإجراء الانتخابات في وقتها المحدد خلال فبراير/ شباط 2022.

وأشار ولد السالك إلى أن “حيز تحرك العسكريين الحكام بمالي ضيق جدا إقليميا ودوليا، أما داخليا فإنهم سينجحون بداية في تسويق أنفسهم كمظلومين وحصد التعاطف بناء على ذلك، لكن هذا الرهان سرعان ما سينقلب عليهم، حينما تشتد وطأة الإغلاق على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية”.

** توازن في المواقف

وشدد الخبير على أهمية أن تحافظ موريتانيا على التوازن في المواقف والعلاقات بمنطقة الغرب الإفريقي، حيث تربطها علاقات جيدة بمختلف دولها.

ولفت إلى أنه على مستوى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، فإن نواكشوط تسعى لنيل عضوية مراقب فيها، وتربطها بهذه المجموعة علاقات تجارية هامة، وقد وقع الطرفان اتفاقيات بموجبها ستجد المنتجات الموريتانية طريقها نحو الأسواق غرب الإفريقية.

وأضاف أنه “على مستوى مجموعة الخمس بالساحل، التي احتضنت نواكشوط قمتها التأسيسية عام 2014، فإن موريتانيا عضوا مؤسسا مهما، وتقدم نفسها كبلد رائد في التصدي للجماعات المسلحة، فهي استثناء في المحيط المضطرب”.

وتابع: “كل تلك العوامل تحتم ضرورة أن تبحث موريتانيا عن موقف وسط يكون أقرب إلى إيجاد الحل، منه إلى مساندة طرف على حساب طرف آخر”.

والجمعة قال وزير الثقافة متحدث الحكومة الموريتانية المختار ولد داهي، خلال مؤتمر صحفي، إن موقف نواكشوط من الأزمة في مالي يتفق مع موقف “إيكواس” والمجموعة الدولية.

لكنه أكد في نفس الوقت أنه يجب “أخذ الخصوصية الأمنية والسياسية والاجتماعية لدولة مالي بعين الاعتبار”، داعيا باماكو إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات لطمأنة المجموعة الدولية وشركاء مالي، بالعودة السريعة للحياة الدستورية.
والأسبوع الماضي، دعت “إيكواس” خلال قمة استثنائية في عاصمة غانا أكرا موريتانيا والجزائر، إلى دعم تنفيذ عقوباتها ضد مالي، باعتبار أنهما تحدان البلاد، وليستا عضوا في المجموعة.

**مجموعة الساحل والموقف الصعب

وقال ولد السالك، إن أزمة “إيكواس” وباماكو، جعلت دول مجموعة الساحل الإفريقي الخمسة في موقف صعب خصوصا وأنه كان يفترض أن تنتقل الرئاسة الدورية لدول الساحل في فبراير/شباط المقبل إلى مالي، وهو الأمر الذي لن يحصل في الغالب ما لم يتم تجاوز الأزمة الحالية، حسب رأيه.

ورجح أن يظل نشاط مجموعة الخمس في الساحل معلقا، إلى أن تنتهي الأزمة بين سلطات باماكو والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا.

واعتبر ولد السالك أن “مجموعة الساحل، لم تلعب الدور المناسب تجاه الأزمة المالية، واكتفت ببيانات دبلوماسية في هذا الاتجاه، بل إن التعاطي كان أقرب إلى التماهي مع الحكام العسكريين، وذلك لكون دولة تشاد العضو في هذه المجموعة تمر بتجربة بعض فصولها تشبه ما يحصل في مالي، على الأقل في شقه المتمثل في وجود مجلس عسكري بالسلطة”.
وفي 19 أغسطس/ آب 2020، قاد العقيد عاصمي غويتا، مع عسكريين آخرين، انقلابا على رئيس مالي آنذاك إبراهيم أبو بكر كيتا.

وأعلن غويتا، في 21 مايو/ أيار 2021، إقالة الرئيس الانتقالي باه نداو ورئيس الوزراء، مختار وان، بحجة خرق ميثاق المرحلة الانتقالية. –

اترك تعليقاً