محمد إسحاق الكنتي يكتب / أيام العمدة…

أيام العمدة…
كانت العرب في جاهليتها تؤرخ بمعاركها فتسميها الأيام. ومن أشهرها البسوس، داحس والغبراء، الفجار… استلهم عميد الأدب العربي هذه التسمية فأطلقها على مذكراته، موحيا لقرائه أن حياته أيام؛ انتصر فيها وانكسر.
لا أعتقد أن عمدة بلدية الواحات استحضر أيا من هذه المعاني وهو يطلق “أيام الرشيد”، اللهم إن كان يعد الخلاف الذي نوه عنه في نهاية خطابه، حربا يخوضها ضد أطر بلديته، وضد التنمية… تحسب للعمدة دعوته إلى أن لا تعرقل الخلافات المصالح والشأن العام.. لكن رد المديرة نسيبة بنت دحان عليه جاء بأسلوب ( أسمع كلامك يعجبني، أشوف عمايلك أتعجب!!!)، فقد عددت، دون أن تستوفي، العراقيل التي يضعها العمدة في وجه أي جهد يبذله أطر بلديته للاسهام في تنميتها: أوقف العمدة تمديدات المياه لأهل أجار، لأن الأطر جلبوها. أوقف العمدة ترميم مدرسة أشاريم لأن الأطر كانوا وراءه. حاول العمدة أكثر من مرة إغلاق حانوت أمل في آگنانه لأن مسيره، مستشار بلدي، ليس من طائفته السياسية. لإنصاف العمدة، في زمن الإنصاف، نذكر أنه بالتعاون مع هيئات أمريكية أدخل الطاقة الشمسية إلى أشاريم. وكان الحدث مهيبا حقا؛ فقد جلب له سفير دولة عظمى.. غير أن العمدة عاد إلى ما يتقن أكثر: المنع. فقد تعطلت الطاقة الشمسية بعد وقت يسير من تدشينها. فتركها العمدة متعطلة، وحين حاول أهل القرية إصلاحها منعهم من ذلك؛ فهي طاقته، ملكه الخاص الذي لا يسمح لأحد بالتصرف فيه.
لكن القارئ الكريم قد يتساءل: ما وجه الخلاف بين عمدة بلدية ريفية وكافة أطرها؟ وهو سؤال وجيه، في الحلات العادية، لكن لعمدة بلدية الرشيد حكاية فريدة؛ فقد ورث البلدية وأهلها كابرا عن كابر.. كان أبوه أول عمدة لها، وعمه أول نائب لريف مقاطعة تجكجة.. واستمرت هذه الحالة الأسرية طوال حكم ولد الطايع. حتى إذا جاءت المرحلة الانتقالية خسر عمه رحمه الله، النيابيات. وفي انتخابات 2013 قررت ” العائلة” بمفهوم Dynasty، توزيعا عادلا للوظائف بين أفرادها: الأب نائب، ورئيس قسم حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، وعضو المجلس الوطني للحزب. ابن أخيه عمدة البلدية، وابنه أمينا عاما. وبذلك اكتملت أضلاع المثلث قائم الزاوية على إقصاء الأطر، وتهميش أهل لگصر
ثم جاءت انتخابات 2018 لتجري العائلة تعديلا طفيفا خرج بموجبه ابن الأخ من البلدية، ومن الحياة السياسية. فقد رأى بن النائب تحصين الأمانة العامة بالبلدية فجمع بينهما، وأضاف إليهما حصنا ثانيا: عضوية المجلس الوطني لحزب الإنصاف. وظل الوالد نائبا. (أنظر بيان مبادرة تقوى)
حالة Dynasty هذه فريدة من نوعها في وطننا، ولعلها كذلك في العالم، وهي جديرة بأرقام غينس…
رحب العمدة في خطابه، بضيوف أيامه من أهل المركز ومن خارجه. ويعلم العمدة أن الاجماع انعقد على مقاطعة أيامه: حضر حليفان من النيملان، وثلاثة من لحويطات… فهل يستطيع العمدة أن يذكر لنا من حضر من: أجار، آگنانه، أشاريم، لعوينات، صاله، البيجوج، أقلمبيت، أنبط، القدس، لمريگب، احرج أهل الحامد، إگفان1، إگفان 2، اظهر لعمود، لمسيلة، الگفلة، انتاورطة، تالمست… وصور حفل الافتتاح دليل على مقاطعة أهل الرشيد أنفسهم.
“أيام العمدة” أربعة بلياليها يستمتع فيها بمسرح:One man show، حتى إذا انقضت عاد إلى الصكوك، وترك أبناء بلديته يقاسون الفقر، وغياب التنمية، في انتظار “أيام” يخوضها دفاعا عن مكاسب العائلة…
ومن غرائب “أيام العمدة” أن وزارة الثقافة غابت بشكل كامل عن مهرجان لحويطات للثقافة والتنمية (لقاء الأهل)، الذي شرف برعاية فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، وأشرف أمينها العام على “أيام العمدة” حسب ما أفاد تلفزيون الموريتانية!!!

اترك تعليقاً