الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها! / سيد أحمد ولد خو

كفرنا بالقبيلة إذا تخلت عن الأخلاق التي عليها تأسست وأولها: تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.

كفرنا بالقبيلة إذا تخطت الخطوط الحمراء وهوت بنا إلى عصور الجاهلية يضرب بعضنا رقاب بعض كأن لم نسمعوا : كُلُّ المُسلِمِ عَلى المُسْلِمِ حرَامٌ: دَمُهُ وعِرْضُهُ وَمَالُهُ
ولم نسمعوا : إنَّ دِماءَكُم، وأمْوالَكم وأعْراضَكُم حرامٌ عَلَيْكُم كَحُرْمة يومِكُم هَذَا، في شهرِكُمْ هَذَا، في بلَدِكُم هَذَا، ألا هَلْ بلَّغْت …

كفرنا بالقبيلة يوم تبارى السفهاء في توجيهها عبر قنوات الفتنة، وسائل التواصل الاجتماعي، يقعون في أعراض الناس، يخوِنون القريب ويسبون الجار؛ ويعرضون على الملإ سوآتهم وكل إناء بالذي فيه يرشح.

كفرنا بالقبيلة إذا تقاعس العقلاء وأُسكت العلماء وانبرى السفهاء للصدارة يترنحون على غير هدى، سكارى من حب المال والجاه يريدون الوصول إلى القيادة؛ وهيهات تنال المراتب إلا بالفضل ؛ بالأخلاق المتعارفة عندنا من احترام الكبير ، ورحمة الصغير ، والإحسان على الجار ، وكفالة الأرامل والأيتام، وإقراء الضيف، وإعانة الملهوف، ونصرة المظلوم، وإصلاح ذات البين، والصدق في الأقوال والأفعال، وتعلم العلم، وصيانة الأعراض بالبذل والعطاء… والابتعاد عن الكذب والبخل والغش والنميمة والنفاق ؛ الابتعاد باختصار عن سفاسف الأمور!
فقد هزُلت حتى بدا من هزالها
كلاها وحتى سامها كل مفلسِ

كفرنا بحب الرياسة إذا كان ثمنها الفوضى، والتسلق على جماجم العباد والتضحية بالسلم الاجتماعي من أجل التفاهات.

كفرنا بالسياسة إذا كان معناها إشعال الفتن والزج بالأبرياء في جحيم صراعات عبثية لا تبقي ولا تذر فالسياسة الحقيقية ما ينفع الناس ويمكث في الأرض.

رحم الله ذلك السلف الصالح الذي لو عاد اليوم لتبرأ من الكثيرين مرددين قول الله تعالى : يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألنِّي ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين

كفرنا بالقبيلة إذا تصدرها الجاهلون؛ الجاهلون بالأخلاق، الجاهلون بالحقوق والواجبات، الأخسرون أعمالا الذين ضلَّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، فلا نجاة إلا بالعلم والعمل؛ وعليه فإننا نناشد النابتة من الأدعياء، مصلحي آخر الزمان، أن يقولوا خيرا أو يصمتوا، أن يتقوا الله في أنفسهم وفي أهليهم فليست السياسة هي الهمجية والتقاتل، وليست السياسة هي الصراعات العقيمة، وليست السياسة إذكاء نار الفتنة بين القبائل والعشائر ،لا وألف لا…
و ليست السياسة المباهاة بالأنساب والأجداد فتلك أمة قد خلت لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، بل السياسة هي بناء الإنسان القادر على العطاء، المواطن الصالح المتكيف مع ظروفه الزمانية والمكانية؛ الآن وليس غدا؛ أما من يريد أو يحلم أن يسوق القطيع، قطيع الجهلة والغوغاء، فسيكون تيسا أو ثورا لا غير ، ليست تلك -والله- مرتبة شرف ولا فخار.

لا القوم قومي ولا الأعوان أعواني
إذا ونى يوم تحصيل العلى وانِ

فحسبنا الله ونعم الوكيل!

اترك تعليقاً