رأي صوت الشــرق| عندما تنهزم الأسود أو تنتحــر

من منـــا كان يتصور أن يسجل للديكتاتور الغامبي يحي جامي هزيمــة نكراء في انتخابات رئاسية و هو الذي قاد البلاد بسياسة العصا و الجزرة طيلة 22 سنـــة؟

هزيمة أمام معارضة ضعيفة، طالما كبلت و كممت أصواتها و شرد بها أيما تشريد إن لم يكن الإسكات الممنهج و السجن ألقسري ألإنفرادي لزعاماتها هو الحظ الأوفر ؟

هزم القــذافي الغرب – الإفريقي، و المشعوذ المقدس لـــدى كثير من حكام غوندوناوا  الظلام  الذين كانوا يرون فيه و في عصاه بقية من عصا موسى عليه السلام تجلب الحظوظ  ،وتضمن الكراسي، و تبعد شرور المنافسين، و تحبذهم إلي أرباب مصائرهم من الأوربيين و الأميركيين، و تكثر السماسرة و المسيلمييـــــن.

هزم يحي بكل بساطة. و بكل سذاجة يخرج رئيس اللجنة المستقلة ( ليت لكل العرب و الأفارقة لجنة كاللجنة الغامبية) ليعلن بثبات و تؤدة وشجاعة لا تشوب عباراتها التأتآت و الرجفة، عن فوز المعارض بــــارو بأغلبية معقولة ( نسبة لا شرقية تفوق 99 %،و لا غربية تناهز 49%، و لا شمال إفريقية تفوق 101%)، فيعترف دراكولا غامبيا دونما تردد بخسارته في سابقة من نوعها في السجل الذهبي لشفافية وتواضع الاستبداد.

يخرج الدكتور في علم تطويع النعــــاج الجرباء  يحي جامي من قصر ساسه اتساخا و جورا لمدة 8030 يومـــا ،و تاركا خلفه إرثا يؤود الغامبيين و حكامهم الجدد حمله  أدهاه و أمره الخلافات الحادة مع الجارة الحاوية السنغال. كما سيترك يحي جامي ساســـة موريتانيا الحبيبة المحببة في وبال   أمرهم و هو الذين كانوا يرون في التقارب معه طوق النجاة من كل عاصفة  تقتلعهم من فوق الكرسي المخملي المشبب بمشعوذات و طلاسم الشيخ الأعظم.

و ستبقى، بعد ركون ألسامري الغامبي  للانبطاح و الهزيمة ، عدة تساؤلات عالقة في مصوغات و تحاليل المتابعين للشأن الغامبي أهمها: ما ســرّ قبول النظام الحاكم في غامبيا مبدئيا بالهزيمة و هو الذي يمتلك قرار تزوير أو تعديل النتائج لصالحه( كما هو العرف في الديمقراطيات  الديماغوجية)؟ هل لأن يحي جامي شعر بالندم علي ما اقترفه من جرائم في حق شعبه و بلده و يتوب  إلي الله توبة نصوحا ؟ هل لأن عفريت العصــــا أحس بالذنب فهجر مهرولا سجّانه و سجنه؟ أم إن يحي جامي أراد أن يضرب مثلا للغرب بأن الأفارقة ليسوا أقل شأنا في انتهاج الشـورى من الغرب و دموقراطيته الخبيثة ؟ ولربما يكون جامي يرسل رسالة إلي أنداده من المستبدين العرب و السمر أن عهد الإستغوال آن له أن يفل و أنه آن الوقت لأن تشرك الشعوب في تقرير مصائرها بكل حرية،و كرامة،و شفافية،و كبرياء ؟و أن عواصف التغيرات الجذرية قادمة بقوة و عزيمة ،و خيـــر لذوي الألباب ركوب القطار الأول قبل التشفي و الحسرة.

هزم جامي أو انهزم بمحض إرادته و بتخطيط مسبق مع حكومته و معارضيه تحت ضمانات أو بدون ضمانات. لا يهم. المهم هو ما إذا كان سيتجرأ حكامنا نحن العرب أولا، ثم حكام الغوندوناوا ثانيا، علي الاحتفاء به فيسرعوا إلي تنظيم انتخابات يعلنون مسبقا عن هزيمتهم فيها؟ و خـــاصة ألئك  الذين عقدوا العزيمة علي عدم الترشح لمأمورية ثالثة و رابعة و خامسة و ربمـــا لمدى الحياة لكنهم يظلون في حيرة من قرارهم تراودهم شياطين الإنس قبل شياطين الجن و يوحون إليهم أن((لا بديل عنهم لأنهم هم الهواء النقي المتنفس، و الماء المحيي للأموات، والعسل المصفي الشافي لذوي العاهات، والمائدة القدسية البانية لأجسام الفقراء المثقلون مشية من الإملاق))،و قديمـــا  قيل في المثل (( إذا ضرب الإمام،خاف المؤذن)).

أجـــل ضرب الحــــاج الإمـــام الدكتور حليف السر و النجوى وفي العجر و البجر يحي جامي،أو لنقول مــات الأسد أو انتحر…علي حصيـــر حـــــلاق  اللجنة المستقلة للانتخابات.  فلمن سيكون الدور عند الحــلاق ؟

صدقت سيدة  موريتانيا التحرر خـــدجة بنت اكليب  قولها ليحي جامي أواخر نوفمبر المنصرم ( ربما بصفة غير مباشرة): (( إنك لشجـــاع حقا عندمـــا اعترفت بالهزيمة)).

التحرير

اترك تعليقاً