“الانتداب لم يعد له سند واقعي أو قانوني”/ للأستاذ محمد أحمدو صلاحي

بالرجوع إلى النصوص القانونية المنظمة للقضاء وسير الدعاوى(التنظيم القضائي وجميع المساطر الإجرائية المستقلة ووغيرها)، يتضح جليا أن ما يعرف ب “الانتداب” لا وجود له مطلقا في التنظيم القضائي، ولا في المساطر الإجرائية المدنية والتجارية والإدارية، ولا في جميع مواد قانون الإجراءات الجنائية، باستثناء ثلاث مواد تتناول حالات نادرة ومحصورة.
فعلى مستوى التنظيم القضائي، نصت المواد: 25، 26، 35، 36، 42، 43، 44، 47، 49، 51، و57 من الأمر القانوني رقم 2007-012 المتعلق بالتنظيم القضائي، على أن مسك قلم ضبط جميع المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف، والمحكمة العليا وجميع النيابات العامة، يتم حصريا من طرف:
كتاب ضبط رئيسيين،
أو كتاب ضبط،
أو كتاب عدل ونيابات.
كما أن قوانين الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية ومدونة التجارة وقانون الشغل، لم تتضمن أي مقتضى يجيز الانتداب.
لذلك يعتبر غير شرعي في: (محاكم المقاطعات والغرف المدنية والإدارية والغرف والمحاكم التجارية ومحاكم الشغل)
ونفس الشيء بالنسبة لقانون الإجراءات الجنائية، في جميع مواده المتعلقة بالمحكمة العليا ومحاكم الإستئناف والمحاكم الجنائية والنيابات العامة، يخلو تمامًا من أي إشارة تجيز الانتداب.
فقد ورد الانتداب بشكل محصور واستثنائي للغاية في ثلاث مواد فقط من قانون الإجراءات الجنائية، وهي:
– المادتان 82، 91 خاصة بالتحقيق.
– المادة 358 خاصة بجلسات الغرف الجزائية بمحاكم الولايات.
وتؤكد هذه المواد بصريح نصها وبشكل لا لبس فيه أن ذلك لا يكون إلا في حالة استثناء وعدم وجود كاتب ضبط.
غير أن هذا الشرط الأخير قد انتفى واقعيا، مع التوزيع الحالي للمصادر البشرية، حيث تتوفر جميع محاكم الولايات على كتاب ضبط، والغرف الجزائية ودواوين التحقيق جزء منها.
واتطلاقا من ذلك وبناءً عليه، فإن الانتداب لم يعد له محل أو أساس واقعي أو قانوني. والتمسك به أو توسيع نطاقه يعد تجاوزًا صارخًا لمبدأ “الاستثناء لا يتوسع فيه’، ولاسيما عندما يتعلق الأمر بقواعد من النظام العام وإجراءات تمس حقوق المتقاضين وضمانات المحاكمة العادلة، التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمهنية واستقلالية كاتب الضبط المرتب قانونًا.
وعليه، فإن أي عمل قضائي يتم عن طريق ما يُسمى “الانتداب” يشكّل:
– مخالفة صريحة للنصوص القانونية النافذة،
– تقليلاً من أهمية وقيمة القرارات القضائية،
– مساسًا بمبدأ الشرعية وضمانات التقاضي،
– تعريض حقوق المتقاضين للضياع.
لذلك فإن وقف العمل بالانتداب غير المؤسس قانونا، أصبح أمرا ملحا وضروريا لضمان نزاهة الإجراءات، وصيانة حقوق الأطراف، واحترام القواعد الآمرة التي يقوم عليها سير العدالة.
للأستاذ محمد أحمدو صلاحي
مسؤول العلاقات الخارجية في النقابة المستقلة لكتاب الضبط الرئيسيين