

تسود ساكنة الحوض الشرقي منذ ما يربو علي شهر و نيف حالة من الانزعاج و الحيرة نتيجة تعطل الخدمات الصحية في مركز الإستطباب بالنعمة.
و ليس السكان وحدهم الذين تعتريهم حالة الصدمة من واقع المركز بل و كذلك الطواقم الطبية إدارة و أطباء و ممرضين و عمال دعم و صيادلة…
يعاني مركز الإستطباب بالنعمة حالة مزرية تجعل هذا المرفق الحيوي أشبه ما يكون مركّبا عمرانيا أتى الطاعون علي معمريه فذرأه خاويا علي عروشه إلا من مواء القطط الجائعة و ثغاء الغنيمات الضائعة في ليالي القطب الشمالي الطويلة.
-
مصلحة الحالات المستعجلة عابسة لا لقلة أو انعدام المرضى بل لافتقارها لأدنى المستلزمات العلاجية الضرورية لدى الأطباء و معاونيهم من الممرضين، بدأ بلوازم المعاينة و انتهاء بتقديم العلاجات و الحجز.
-
جناح الولادة لم يكن بأحسن حال من وقت عودة حنين بخفيه، و هو الجناح الذي كان من المفترض أن تولى له عناية خاصة لما لدوره في حياة الأم و الولدان النواتين الأهم في بناء و استمرار الجنس البشري. لا أخصائي التوليد بحوزته من الأدوات الطبية لا يعينه علي غوث النساء الحوامل و المواليد الجدد، و ليس القابلات يملكن عصيا سحرية تستعين بها أثناء مساعدتهم لمرضاهن.
-
جناح الجراحة! و ما أدراك ما جناح الجراحة ! أدوات كأنها أخرجت لتوها من حفريات إرم الضائعة، مستلزمات التخدير تبخرت في الهواء مع تهاوي البرجين ، جراح و طاقم يخجلون من واقعهم أمام حالات الحالات المرضية التي لا تقبل التأجيل، غرف حجز خجولة كأن أفران شياطين سليمان أوقدت بداخلها.
-
جهاز الكشف بالأشعة( راديو) في إجازة صيفية منذ شهر أو يزيد قليلا، فلا يملك الفني القائم عليه سوى إلقاء التحية عليه من بعيد صباح مساء…
-
أجهزة الفحوص ربما آثرت التوجه إلي منطقة احميميم للفحص عن مكامن الذهب بدل تحمل أعمدة أتربة بطحاء النعمة الثائرة.
-
جهاز تصفية الكلى يحتاج تصفية نفسه ليستعيد خلقته الصناعية.
-
الصيدلية الداخلية خالية رفوفها إلا من بقايا غبار نسيتها رياح السموم أيام رحلتها الصيفية ،و إلا من بعض أقراص الأسبرين، وإلا من إبر الوخز، وإلا من حفنات يتيمة من القطن..
-
جناح الحجز الطبي يغص بالأطفال و النساء و العجزة المرضى ينتظرون بأسى و حزن علاجات لا يملك الأطباء منها سوى قسمات الحنان و الشفقة.
-
أجهزة التبريد متعطلة لأنها صممت أصلا للكسل و لتوزيع الحرارة لا البرودة.
-
الميكروبات و أنواع الأجسام الغريبة في حل من أمرها نظرا لافتقار العمال اليدويين إلي مواد وآليات التعقيم.
-
إدارة متوارية عن تحمل مسئولياتها الأخلاقية و الاجتماعية لأن ليس لها من الأمر شيء و لا هي تملك رخصة تصنيع لترقع مرفقها بما هو ضروري، و لا هي تملك قرار التصرف لاقتناء المستلزمات الطبية التي لا غنى عنها في تأخير المستشفى من النوم رمسه.
حيال هذا الواقع المر، يجد المواطن و بعض الأطقم الطبية أنفسهم رهم اعتقال التسليم و الرضا عسى أن ياتي الله بالفتح أو بأمر من عنده. و يظل الأمر الشائع بين أوساط ساكنة الحوض الشرقي عامة ، و ساكنة النعمة خاصة و الذي لا خلاف عليه هو أن وزارة الصحة الموريتانية أعطت تعاليمها الصارمة للسلطات الصحية في ولاية الخطابات التاريخية و صناديق الولاء، في عاصمة ولاية الوزارات الأولى، أن تغض القول و السمع و البصر و التفكير حتى علي رداءة خدمات مركز النعمة إلي حين اكتمال و تجهيز المركب الطبي الجديد.
فإلي حين قطع شريط افتتاح الخدمات في مركبنا المرتقب سيرزح مرضى الحوض و مقاطعاته تحت تهديد المعاناة والانزعاج و التنقل بين المرافق الصحية في الولايات الأخرى.
فهل يترك الأبرياء هكذا يقضون ؟فقط لأن رعمسيس أوقف التنفيذ إلي حين تبيين ما إذا السلحفاة أذكرا كان هو أم أنها أنثى.
التحرير